اخر الأخبار

28‏/10‏/2013

مظاهر الاكتساب الثقافي في ظل الاتصال الجمعى


مظاهر الاكتساب الثقافي في ظل الاتصال الجمعى
مظاهر الاكتساب الثقافي في ظل الاتصال الجمعى

مقدمة عامة
القسم الأول: أسس وقضايا البحث النظرية والمنهجية.
الفصل الأول: المفاهيم الأساسية للدراسة.

تمهيد
أولاً: مفهوم الاكتساب الثقافي واتجاهاته النظرية.
ثانيًا: مفهوم التمثُّل الثقافي.
ثالثًا: مفهوم وسائل الاتصال الجمعي.


الفصل الثاني: الاكتساب والتمثُّل الثقافي من المنظورين الأنثروبولوجي والاتصال الجماهيري.
تمهيد:
أولاً: المنظور الأنثروبولوجي وقضايا الاكتساب والتمثُّل الثقافي.
1- الفكر التطوري ودراسة الثقافة.
2- المدرسة الانتشارية ودراسة الثقافة.
3- مفهوم الانتشار الثقافي من منظور المدرسة الانتشارية.
4- الاتصال الثقافي وعمليات التناقض.
5- دراسات التغيُّر الموجه.

ثانيًا: مفهوم الاتصال وقضايا الاكتساب والتمثُّل الثقافي.
1- الاتصال وعملية نقل الثقافة.
2- الاتصال والتغيُّر الاجتماعي والثقافي.

الفصل الثالث: تأثير وسائل الاتصال الجمعي في تغيُّر البناء الاجتماعي في المجتمعات المحلية.
تمهيد:
أولاً: مفهوم الاتصال الإنساني وانتشاره.
ثانيًا: تغير الثقافة والمجتمع.
ثالثًا: أبعاد الاتصال.
1- الأبعاد السيكولوجية للاتصال الجمعي.
2- الأبعاد النفسية - الاجتماعية للاتصال الجمعي.
3- آثار الاتصال في ضوء آراء بعض علماء الاجتماع.
4- الاتصال والمجتمع.
5- الاتصال الجماهيري والتغيُّر الاجتماعي والثقافي.

الفصل الرابع: دراسات وبحوث سابقة.
تمهيد:
أولاً: الهجرة والاتصال الثقافي بين الجماعات الإثنية:
دراسة ميدانية للجالية الجزائرية بمدينة مرسيليا لمحمد حافظ دياب.
ثانيًا: الامتزاج بين الثقافة العربية والأمريكية في ديربون بأمريكا لعاطف وصفي.
ثالثًا: الاتصال والتغيُّر الاجتماعي في القرية المصرية لمحمود عودة.
رابعًا: الاتصال الثقافي والنمو الحضري: دراسة سسيولوجية ميدانية بالمجتمع السعودي لعواطف الأبياري.
القسم الثاني: الدراسة الميدانية.

الفصل الخامس: خطة الدراسة الميدانية وإجراءاتها.
تمهيد:
أولاً: أهمية موضوع البحث.
ثانيًا: مشكلة البحث وأهدافه الأساسية.
ثالثًا: التساؤلات التي يحاول البحث الإجابة عليها.
رابعًا: منهج البحث وأدوات جمع البيانات.
خامسًا: مجالات البحث.
سادسًا: كيفية اختيار عينة البحث.
سابعًا: الخصائص الاجتماعية - الاقتصادية لعينتي البحث.

الفصل السادس: الملامح العامة لمجتمع البحث.
تمهيد:
أولاً: منطقة بحرة.
ثانيًا: منطقة حدة (حداء).

الفصل السابع: الدراسة الأنثربولوجية لتأثير وسائل الاتصال الجمعي في كلٍّ من مجتمعي بحرة وحداء.
تمهيد:
أولاً: تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق القرابي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثانيًا: تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق الاقتصادي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثالثًا: تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع إزاء تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل.

الفصل الثامن: نتائج الدراسة ومناقشتها وتوصياتها.
تمهيد:
أولاً: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق القرابي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثانيًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق الاقتصادي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثالثًا: نتائج فيما يتعلَّق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع إزاء تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل.
رابعًا: مناقشة نتائج الدراسة في ضوء الدراسات السابقة.
خامسًا: توصيات ومقترحات.

المراجع.
الملاحق.

♦    ♦    ♦   ♦   ♦

مقدمة عامة:
يُعَدُّ عالم اليوم بحق عالم الاتصالات والمعلومات، فعلى قدر تباعد قارَّاته واختلاف مساحاته، وتنوع تضاريسه وتباين ثقافاته - إلا أن عالم اليوم أصبح قرية واحدة نشَأتْ بفعل تأثير وسائل الاتصال الجمعي: الإذاعة، والتليفزيون، والصحافة، والمسرح، والسينما، والكتاب التي تخطَّت الحدود الإقليمية، وتجاوزت العوائق الطبيعية.

ولم يعد تأثير الرسائل التي تبثُّها قاصرة على المجتمع الذي يعدُّها، بل إنها تصل إلى كلِّ المجتمعات الإنسانية في نفس اللحظة التي يبثُّها المجتمع نفسه.

وما حرب الخليج التي بدأت في 16 من يناير 1990 لطرد القوات العراقية من الكويت إلا أكبر دليل على ذلك، فهي المرة الأولى التي يشاهد فيها ملايين من مشاهدي التليفزيون حربًا مصوَّرة في نفس لحظة حدوثها.

وهذا يعني باختصار أن ما توفِّره وسائل الاتصال من معلومات قد أثَّرت بشكل مباشر وغير مباشر على مجرى الحياة الاجتماعية، بما تحمله من قِيَمٍ ومعاييرَ واتجاهات ونماذج سلوكية لكلٍّ من الفرد والجماعة والمجتمع.

إن وسائل الاتصال الجمعي أدَّت - وما زالت تؤدِّي - أدوارًا فاعلة أصبح من الصعب قياس تأثيراتها؛ نظرًا لسرعتها الفائقة والمتتابِعة في الجمهور المستهلك، بحيث اتَّضح لنا أن محصِّلة الأدوار الرئيسة لتلك الوسائل تقديم المعلومات، وبث الوقائع، وعرض الحقائق لإحداث التغيير المنشود، وهذا ما يؤكِّد عليه علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا من أن عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي هي الإفراز الحقيقي لتأثير وسائل الاتصال الجمعي، وأن لهذه الوسائل القدرة على إكساب أفراد المجتمع قِيَمًا واتجاهات، ونماذج سلوكية مغايرة تمامًا لما أَلِفوه وتعوَّدوا عليه.

وإذا تناولنا بالتحليل أيَّ نسق من أنساق البناء الاجتماعي، لاتَّضح لنا ذلك التأثير الذي تمارسه وسائل الاتصال الجمعي على مكوِّنات هذا النسق.

فعلى سبيل المثال: نجد أن وسائل الاتصال الجمعي قد أحدثت تغييرًا ملحوظًا في مكونات النسق القرابي، فقبل دخول وسائل الاتصال الجمعي كان الزواج الداخلي في المجتمعات الريفية يحدِّد الشكل الذي تتمُّ من خلاله عمليات الاختيار للزواج، ولكن بدخول وسائل الاتصال الجمعي وحدوث عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي، فإن عمليات الاختيار للزواج لم يعد يتحكَّم فيها الزواج الداخلي، وإنما أصبح من حقِّ الشاب المُقْبِل على الزواج اختيار شريكة حياته من خارج العائلة.

ولقد تحدَّدت مشكلة البحث في مدى التأثير الذي تُحْدِثه وسائل الاتصال الجمعي في عمليات الاكتساب والتمثُّل القانوني في المجتمعات المحلية، ويمكننا أن نحدِّد مشكلة البحث في ذلك التساؤل الذي يمكن صياغته وطرحه على النحو التالي:

ما هي التأثيرات التي تُحْدِثها وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي داخل البناء الاجتماعي بأنساقه ونظمه وظواهره في المجتمعات المحلية؟
ويمكن أن نطرح هذا التساؤل بصورة أكثر تفصيلاً: ما هي التأثيرات التي تُحْدِثها وسائل الاتصال الجمعي في عمليات الاكتساب والتمثيل الثقافي داخل كل من النسق القرابي kinship system، والنسق الاقتصادي economic system، والنسق التربوي education system في المجتمعات المحلية؟ وبناءً على ذلك فقد تحدَّدت أهداف البحث، وذلك على النحو التالي:
1- الكشف عن تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثيل الثقافي داخل النسق القرابي (شكل الأسرة، والاختيار للزواج وإجراءاته، وتكاليفه، والسلوك الإنجابي وقيمة إنجاب الذكور، والجيرة).

2- الكشف عن تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثيل الثقافي داخل النسق الاقتصادي (ظاهرة تقسيم العمل، ومدى مشاركة المرأة للرجل في الأنشطة الاقتصادية، ودور المرأة ومشاركتها في اتخاذ القرارات الاقتصادية).

3- الكشف عن تأثير الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثيل الثقافي داخل النسق التربوي (تعليم الفتاة واتجاهات أفراد المجتمع إزاء ذلك، واتجاهاتهم نحو الاختلاط، وتحاول الدراسة في ضوء هذه الأهداف الثلاثة الإجابة على التساؤلات التالية:
1- ما تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي داخل النسق القرابي في مجتمعي البحث؟
2- ما تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي داخل النسق الاقتصادي في مجتمعي البحث؟
3- ما تأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي داخل النسق التربوي في مجتمعي البحث؟

وفيما يتعلق بالمنهج الذي اعتمد عليه البحث، فقد اعتمد بصفة أساسية على المنهج الأنثروبولوجي، وذلك من خلال الملاحظة بالمشاركة أو بالمعايشة participant observation، أما عن الأدوات التي اعتمد عليها الباحث في جمع بيانات بحثِه، ففي مقدمة هذه الأدوات دليل الملاحظة والإخباريين، وأخيرًا فقد استعان الباحث باستمارة مقابلة لتدعيم البيانات الكيفية التي قام بجمعها من خلال دليل الملاحظة والإخباريين.

ولقد حاول البحث أن يتبع في دراسته الطريقة الأنثروبولوجية لدراسة المجتمع التي تعتمد على الملاحظة بالمشاركة أو بالمعايشة في المقام الأول، وقد استخدم في ذلك ما أُتِيح له من وسائل وأساليب، ولكنه ركَّز منذ البداية على دليل الملاحظة والاستعانة بالإخباريين، بالإضافة إلى الاطِّلاع على البيانات الإحصائية، وصحة مصادرها ثم تطبيقه لاستمارة المقابلة؛ مما أمكنه من الاطِّلاع على الكثير من جوانب التغيير والاكتساب والتمثيل الثقافي التي حدثت نتيجة تأثير وسائل الاتصال الجمعي.

ولقد كانت الملاحظة مفيدة إلى درجة كبيرة، وخاصة في منطقة البحث، فلم يكتفِ الباحث بمجرَّد الملاحظة أو السؤال؛ وإنما استخدم الزيارات المتكررة لأسر متعددة في المنطقة؛ للوقوف على كثير من التفاصيل عن أوجه الحياة اليومية الاجتماعية للسكان هناك، والاستفادة أيضًا في الوصول إلى معلومات تجاهل الإخباريون ذكرها أو نسوها.

ولقد تحدَّد المجال الجغرافي للدراسة الحقلية في مجتمعي بحرة وحداء، اللتين تقعان بين مدينتي جدة ومكة، وهذان المجتمعان كانَا موقعي اتصال بين هاتين المدينتين، وكل من مدينتي جدة ومكة، ويتميَّز النشاط الاقتصادي في هذين المجتمعين بسيادة النشاط الزراعي والرعي والتجارة، وكان هذان المجتمعان معبرًا لمرور الحجاج القادمين من جدة في طريقهم إلى مكة المكرمة.

أما عن المجال البشري للدراسة فقد تمثَّل في أعداد السكان في هذين المجتمعين وأعداد الأسر؛ حيث بلغ إجمالي أعداد السكان التقريبي بمدينة حداء 7000 نسمة، أما عن أعداد الأسر فقد بلغت 1030 أسرة، وفيما يتعلَّق بإجمالي أعداد السكان التقريبي بمدينة بحرة 15000 نسمة، وبلغت أعداد الأسر 2300 أسرة.

وفيما يتعلَّق بعينة البحث فلقد تمَّ اختيار عدد محدود من الإخباريين في كلٍّ من المجتمعين لتطبيق دليل الملاحظة عليهم، وتمَّ اختيار عدد محدود من الأسر في كلٍّ من مجتمعي البحث؛ وذلك لتطبيق دليل المقابلة الذي ضمَّنه الباحث عديدًا من القضايا والمواقف المرتبطة بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليتي الاكتساب والتمثُّل الثقافي، ولقد قام الباحث بزيارات متعمِّقة لهذه الأُسَر.

أما فيما يتعلَّق بتطبيق استمارة المقابلة على عينة البحث في كلٍّ من المجتمعين فقد اختار الباحث عينة عشوائية من أرباب الأُسَر الذين وُجِّهت إليهم أسئلة استمارة المقابلة، حيث بلغ حجم العينة العشوائية في حداء (52) مبحوثًا، وفي بحرة (115) مبحوثًا وذلك بواقع (5 %) من إجمالي إعداد الأُسَر في كل من المجتمعين.

ولقد انقسمت الدراسة إلى قسمين رئيسَين يضمَّان ثمانية فصول: أخذ القسم الأول عنوان أسس وقضايا البحث النظرية والمنهجية، واشتمل على أربعة فصول تحدد الفصل الأول في المفاهيم الأساسية للدراسة، وتناول فيه الباحث بالتحليل والمناقشة مفهومات الاكتساب الثقافي، واتجاهاته النظرية، والتمثُّل الثقافي، ووسائل الاتصال الجمعي، ولقد تناول الفصل الثاني الاكتساب الثقافي من المنظورين الأنثروبولوجي والاتصال الجماهيري، وناقش فيه الباحث قضيتين أساسيتين، تمثَّلت في الأولى في قضايا الاكتساب والتمثُّل الثقافي من وجهة النظر الأنثروبولوجية، أما الثانية فقد تحددت في مفهوم الاتصال وقضايا الاكتساب والتمثُّل الثقافي.

وفيما يتعلق بالفصل الثالث فقد خصَّصه الباحث لعرض وتحليل ومناقشة تأثير وسائل الاتصال الجمعي في تغيير البناء الاجتماعي في المجتمعات المحلية، وركَّز الباحث في هذا الفصل على مفهوم الاتصال الإنساني وانتشاره، وتغيُّر الثقافة والمجتمع، وأبعاد الاتصال.

أما الفصل الرابع والأخير فقد عرض فيه الباحث لأربع دراسات سابقة:
كانت الأولى عن الهجرة والاتصال الثقافي بين الجماعات الإثنية لمحمد حافظ دياب، والثانية عن الامتزاج بين الثقافة العربية والثقافة الأمريكية لعاطف وصفي، والثالثة عن أساليب الاتصال والتغيُّر الاجتماعي في القرية المصرية لمحمود عودة، أما الدراسة الرابعة والأخيرة، فكانت عن الاتصال الثقافي والنمو الحضاري لعواطف الأبياري.

ولقد احتوى القسم الثاني الذي أفرده الباحث للدراسة الميدانية في مجتمعي البحث على أربعة فصول؛ حيث جاء الأول لكي يعرض فيه الباحث لخطة الدراسة الميدانية وإجراءاتها، وناقَش فيه الإجراءات المنهجية للبحث، وخطة العمل الميداني.

ولقد تحدَّد الفصل الثاني في وصف الملامح العامة لمجتمعي البحث في كل من بحرة وحداء، ولقد خصَّص الباحث الفصل السابع لعرض وتحليل نتائج البحث عن وجهة النظر الأنثروبولوجية؛ حيث يركز الباحث على النتائج الخاصة بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليتي الاكتساب والتمثيل الثقافي.

وأخيرًا: جاء الفصل الثامن والأخير الذي خصصه الباحث لعرض وتحليل ومناقشة نتائج البحث في ضوء البحوث والدراسات السابقة، ثم عرض الباحث في هذا الفصل لتوصيات البحث ومقترحاته.

♦    ♦    ♦   ♦   ♦

الفصل الثامن

نتائج الدراسة ومناقشتها وتوصياتها:
تمهيد:
أولاً: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق القرابي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثانيًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسَق الاقتصادي في مجتمعي بحرة وحداء.
ثالثًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع إزاء تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل.
رابعًا: مناقشة نتائج الدراسة في ضوء الدراسات السابقة.
خامسًا: توصيات ومقترحات البحث.

تمهيد:
يحاول الباحث في هذا الفصل عرض وتحليل ومناقشة أبرز النتائج التي توصَّلت إليها الدراسة الميدانية في مجتمعي بحرة وحدة، والتي قام الباحث فيها بتطبيق أداتين من أدوات البحث: الأولى: تمثلت في دليل الملاحظة أو المقابلة الذي قام الباحث بتوجيهه إلى عينة من أرباب الأُسَر في كل من المجتمعين، حيث بلغ حجم العينة في مجتمع بحرة 35 مبحوثًا، وفي مجتمع حدة 20 مبحوثًا، بالإضافة إلى ذلك فقد اعتمد الباحث على عينة من الإخباريين، حيث بلغ عددهم في مجتمع بحرة خمسة إخباريين، وفي مجتمع حدة 3 إخباريين.

أما الأداة الثانية، فقد تحددت في استمارة المقابلة التي قام الباحث بتطبيقها على عينة عشوائية من أرباب الأُسَر، بلغ إجمالي حجمها في مجتمع بحرة 115 مبحوثًا، وبلغ إجمالي حجمها في مجتمع حداء (حده) 52 مبحوثًا، وهناك ملاحظة على جانب كبير من الأهمية قبل التعرُّض لنتائج البحث، وتتحدَّد هذه الملاحظة في أن الباحث سوف يعرض لهذه النتائج في صورة تكاملية، حيث يدمج النتائج الكيفية مع النتائج الكمية في نموذج واحد.

وبناء على ذلك فسوف يخصِّص الباحث هذا الفصل لتحليل ومناقشة النقاط الأساسية التالية:
أولاً: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسَق القرابي في مجتمعي بحرة وحدة.
ثانيًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسق الاقتصادي في مجتمعي بحرة وحدة.
ثالثًا: نتائج فيما يتعلَّق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع نحو تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل.
رابعًا: مناقشة نتائج الدراسة في ضوء الدراسات السابقة.
خامسًا: توصيات ومقترحات البحث.

♦    ♦    ♦   ♦   ♦

أولاً: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي الذي أصابت النسَق القرابي في مجتمعي بحرة وحدة:
1- لقد أصابت وسائل الاتصال الجمعي إلى حدٍّ بعيد نمط الأسرة الممتدة؛ حيث أكَّدت نتائج تطبيق كل دليل الملاحظة واستمارة المقابلة في مجتمعي البحث أن الأسرة الممتدَّة تحوَّلت بفضل وسائل الاتصال الجمعي إلى أُسَر صغيرة لا تستطيع أن نقول: إنها مستقلة إلا من حيث الشكل فقط؛ بمعنى: أن هذا التغيُّر الذي أحدثته وسائل الاتصال الجمعي لم يكن في نوعية العلاقات الاجتماعية بين الأسرة الممتدَّة إلى تحوَّلت إلى أُسَر صغيرة.

2- أكدت نتائج الدراسة الميدانية في كل من المجتمعَين في السكن مع العائلة الممتدَّة وبخاصة بعد الزواج، ولقد أبدى الشباب ميلاً للاستقلال، ولم تعد الأسرة تقف ضدَّ هذه الرغبة كما كانت تفعل قبل دخول وسائل الاتصال الجمعي.


3- بالرغم من أن معظم الشباب قد أبدى رغبة شديدة في الاستقلال عن الأسرة الممتدَّة عند الزواج إلا أن كبار السن في كلٍّ من المجتمعَين يعارضون هذا الاستقلال في السكن، ويرَون أن استقلال الشباب عند الزواج يُعَدُّ مخالفًا للعادات والأعراف التي اعتاد عليها جيل الآباء والأمهات.

4- لقد أثَّرت وسائل الاتصال الجمعي وبخاصة التليفزيون على عملية الاختيار للزواج؛ حيث لم يعد هناك دور واضح لكل من الأب والأم في اختيار شريك الحياة وبخاصة عندما يقوم الابن باختيار شريكة حياته، كذلك لم يعد هناك اتجاه لتزويج الفتاة بمجرَّد وصولها إلى سنِّ البلوغ؛ حيث لعبت وسائل الاتصال الجمعي دورًا حاسما في هذا التغيير.

5- لم يعد الزواج الداخلي منتشرًا بين أفراد القبيلة؛ فلقد أكدت نتائج البحث الميداني على أن معظم الشباب يتَّجهون إلى الزواج من خارج القبيلة ولقد بدأت الأسر تتحرَّر من تلك القيود التي فرضتها التقاليد المتوارثة.

6- نتيجة لتأثير وسائل الاتصال الجمعي وانتشار التعليم وهبوب رياح التغيير، فإن أخذ رأي الفتاة قبل عقد القران أصبح ضرورة ملحَّة؛ حيث أكَّدت نتائج الدراسة الميدانية وبخاصة نتائج مقابلة الإخباريين أن المأذون عليه أن يأخذ رأي الفتاة قبل عقد القران ويأخذ توقيعها على العقد، بل إن هناك بعض الأسر تصرُّ على ذلك.

7- لقد اختفت بعض مظاهر الاحتفال بعقد القران حيث أثَّرت وسائل الاتصال الجمعي على اختفاء بعض هذه المظاهر؛ حيث اقتصرت الاحتفالات بليلة عقد القران على أقارب وأصدقاء كل من الفتى والفتاة.

8- لقد أثَّرت وسائل الاتصال الجمعي تأثيرًا بالغًا في السلوك الإنجابي؛ حيث لم يعد إنجاب الإناث شيئًا يخجل منه الزوج، بل أصبح إنجاب الإناث شيئًا عاديًّا تمامًا كإنجاب الذكور، ولكن الشيء الذي لم تستطع وسائل الاتصال أن تُحْدِث فيه تغييرًا القيمة العليا لإنجاب الذكور حيث يتفاخر الأب بإنجاب الولد، بالإضافة إلى ذلك فإن كمَّ الإنجاب سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا لم يتغير بالرغم من انتشار وسائل الاتصال الجمعي والتعليم.

9- لقد أثَّرت وسائل الاتصال الجمعي وبخاصة التليفزيون وانتشار التعليم على اختفاء ظاهرة تعدُّد الزوجات التي كانت منتشرة قبل دخول وسائل الاتصال الجمعي وانتشارها في كل من مجتمعي البحث.

10- لقد أثَّرت وسائل الاتصال الجمعي وكذلك انتشار التعليم على ظاهرة غلاء المهور التي كانت سائدة في أعقاب الطفرة النفطية، أمَّا الآن فلم يعد لهذه الظاهرة ذلك التواجد الكبير الذي كان سائدًا، ولقد أكَّدت نتائج البحث الميداني على أهم صفتين في الفتاة التي يرغب الفتى الزواج منها هما التديُّن والخلق وليس الثروة.

ثانيًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسَق الاقتصادي في مجتمعي بحرة وحدة:
1- لقد أحدثت وسائل الاتصال الجمعي تأثيرًا بالغًا في النشاط الاقتصادي الذي كان سائدًا؛ حيث تحوَّل اعتماد المجتمع من الرعي والزراعة المحدودة المعتمِدة على كمية من الأمطار التي تتساقط على المنطقتين وبعض الآبار الجوفية إلى الاعتماد على إقامة مصانع الطوب الذي استُخدِم في التوسُّع العمراني، بالإضافة إلى العديد من المصانع: كمصنع البويات، والخرسانة المسلحة.

2- لقد أدَّى موقع المجتمعين إلى سيادة اقتصاديات السوق الذي ازدهر نتيجة الموقع الجغرافي للمسافرين من جدة إلى مكة والعكس للتزوُّد بالوقود والمواد الغذائية.

3- أكَّدت نتائج البحث أن المجتمعَين كانَا يعانيان معاناةً شديدة من قصور في المرافق الرئيسة ومصادر الطاقة الكهربائية، ولكن بفضل حركة الاتصالات وإنشاء الطرق السريعة والسهلة فقد أثَّر كلُّ ذلك على تغيير النشاط الاقتصادي، وتدفق الأيدي العاملة المهاجرة.

4- أكَّدت نتائج الدراسة على أن المجتمعين قد شهدَا تغييرًا حقيقيًّا في النشاط الاقتصادي؛ حيث لاحظ الباحث إنشاء العديد من مزارع الدواجن، والبيض، وإنشاء مشاغل الملابس النسائية التي يعمل بها الكثير من العمالة الأجنبية الوافدة.

5- لقد شهد المجتمعَين بروز سيادة دور الرجل وتراجع دور المرأة في المرحلة السابقة التي أطلق عليها الباحث مرحلة الاستقرار، ولكن نتيجة للتغيُّرات التي أحدثتْها وسائل الاتصال الجمعي الذي أدَّى إلى اتِّجاه الرجال نحو الأعمال التي تعدَّت حدود المنزل نتيجة عمل المرأة في داخل المنزل، ولقد أكَّد كثير من الإخباريين إن وسائل الاتصال الجمعي قد أثرت وميزت تمييزًا واضحًا بين كل من الرجل والمرأة فيما يتعلق بتقسيم العمل.

6- إن من أبرز التغيُّرات التي بدت واضحة والتي كان من أهم أسبابها انتشار وسائل الاتصال الجمعي استقدام العمالة الأجنبية الفنية لإدارة شؤون المزارع، والتي انفصلت بمقتضاها الملكيةُ عن الإدارة؛ بمعنى: أن المالكين للمزرعة أصبحوا لا يديرونها ومن ثَمَّ فقد أثَّر ذلك على تقسيم العمل.

7- لقد كان تأثير الاكتساب والتمثُّل الثقافي واضحًا فيما يتعلق بظاهرة تقسيم العمل؛ حيث وجدنا انتشار واستقدام المربِّيات الأجانب الذي قلَّل دور المرأة في عملية التنشئة الاجتماعية.

8- لقد كان تأثير الاكتساب والتمثُّل الثقافي الناجم عن وسائل الاتصال الجمعي وبخاصة التلفزيون واضحًا فيما يتعلَّق بعملية ترشيد الاستهلاك واكتساب المرأة بصفة خاصة أنماطًا وعادات استهلاكية جديدة.

ثالثًا: نتائج فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع إزاء تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل في مجتمعي بحرة وحدة:
1- لقد أكَّدت لنا الإحصاءات الخاصة بتطوُّر إعداد الطالبات في مختلَف مراحل التعليم على أن هناك اتجاهًا قويًّا في كلٍّ من المجتمعين نحو تعليم الفتاة حتى آخر مراحل التعليم، وهذا راجع كما أكَّدته نتائج الدراسة من تأثير وسائل الاتصال الجمعي والاكتساب والتمثُّل الثقافي.

2- لقد أحدثتْ وسائل الاتصال الجمعي تغييرًا شديدًا في نظرة المجتمع إلى الفتاة؛ حيث كانت النظرة القديمة إليها تنحصر في قيامها بشؤون البيت، وليس لها أيُّ أهمية خلاف ذلك، ولم تكن هناك أيُّ مساواة بين الذكور والإناث وبخاصة في التعليم، ونتيجة للآثار التي أحدثتها عمليتي الاكتساب والتمثُّل الثقافي فقد تغيَّرت نظرة المجتمع إلى الفتاة وتغيير اتجاهات المجتمع نحو تعليم الفتاة، وعمل المرأة.

3- أكدتْ نتائج الدراسة تأثير عمليتي الاكتساب والتمثُّل الثقافي على المِهَن التي يفضِّلها أفراد كلٍّ من المجتمعين لعمل المرأة تتمثَّل في مهنة التدريس، والطب، والتمريض بشرط عدم الاختلاط طبقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية.

رابعًا: مناقشة نتائج الدراسة في ضوء الدراسات السابقة:
إذا كنَّا قد أفردنا الجزء الأول من هذا الفصل لعرض أهم النتائج التي توصَّلت إليها دراستنا الراهنة فإن هذه النتائج قد أكَّدت بما لا يدع مجالاً للشكِّ في أنها تتَّسق مع معظم النتائج التي خرجتْ بها الدراسات التي تمَّ عرضها في الفصل الرابع من هذا البحث.

ففي الدراسة التي قام بها محمد حافظ دياب عن الهجرة والاتصال الثقافي للجالية الجزائرية التي تعيش بمدينة مرسيليا بفرنسا نجد أنه بالرغم من تباين هذه الدراسة مع موضوع بحثنَا الراهن إلا أنه تناول موضوع الاكتساب الثقافي وأرجع إليه ذلك الفشل الذي يعاني منه كثيرٌ من العمال الجزائريين الذين يعيشون في مدينة مرسيليا، وفي هذا يشير إلى أن القِيَم الاجتماعية لهؤلاء العمال الجزائريين وقفتْ حائلاً دون الانصهار الثقافيَّ بالإضافة إلى أنها قد عمَّقت الفجوة بين الفرنسيين والجزائريين بل إنها أسهمت في حدوث العزلة الاجتماعية للعمال الجزائريين الذين يعيشون في مدينة مرسيليا.

ولقد جاءت نتائج هذه الدراسة لكي تؤكِّد ما خرجت به دراستنا الراهنة من أهمية عملية الاكتساب والتمثُّل الثقافي الناجمة عن تأثير وسائل الاتصال الجمعي في عمليات التكيُّف والتغيير الاجتماعي والثقافي.

وفي الدراسة التي قام بها عاطف وصفي عن الامتزاج بين الثقافة العربية متمثِّلة في الجالية اللبنانية التي هاجرتْ إلى أمريكا واستوطنت مدينة ديربورن، والثقافة الأمريكية متمثلة في المجتمع الأمريكي الذي تعيش فيه هذه الجالية.

وبالرغم من أن موضوع البحث لا يقترب كثيرًا من موضوع بحثنا إلا أنه قد خرج بمجموعة من النتائج تدعم نتائج بحثنا وذلك فيما يتعلَّق بتحديد الجوانب المشتركة التي حدث فيها اكتساب وتمثُّل ثقافي للجالية اللبنانية في المجتمع الأمريكي.

ولقد دعمت نتائج الدراسة التي قام بها محمود عودة عن أساليب الاتصال والتغيير الاجتماعي في القرية المصرية معظم النتائج التي توصلت إليها دراستنا الراهنة؛ حيث أكدت دراستنا ودراسة عودة على أهمية وسائل الاتصال الجمعي في عملية تغيير الأنماط التقليدية، سواء المرتبطة بالنسَق القرابي أو الاقتصادي أو التربوي.

ولقد أكَّدت نتائج دراستنا ودراسة عودة على أهمية وسائل الاتصال الجمعي على الانفتاح على العالم الخارجي، وعلى انتشار التعليم، وعلى تغيير الاتجاهات والقِيَم، وعلى ظاهرتي تقسيم العمل والتخصُّص، وعلى تغيير أنماط النشاط الاقتصادي التقليدي.

ولقد دعمت النتائج التي خرجت بها عواطف فيصل الأبياري في بحثها عن الاتصال الثقافي والنمو الحضري نتائج بحثنا الراهن؛ حيث أكَّدت على أن وسائل الاتصال الجمعي تؤثِّر تأثيرًا كبيرًا على أنماط الاتصال الثقافي، وأن الاحتكاك الثقافي بين أفراد المجتمع السعودي والعمالة الوافدة قد أثَّر على عملية الاكتساب الثقافي، بالإضافة إلى ذلك، فإن أبرز نتيجة توصَّلت إليها الباحثة أن وسائل الاتصال الجمعي قد غيَّرت كثيرًا من أنماط الزواج وأشكاله، وساعدت على انتشار التعليم وبخاصة تعليم الفتاة حتى آخر مراحل التعليم.

وبناءً على ذلك فإن نتائج هذه الدراسات الأربع قد دعمت إلى حدٍّ بعيد معظم النتائج التي خرجت بها دراستنا الراهنة وإن كانت دراسة محمود عودة عن أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي في القرية المصرية ودراسة الاتصال الثقافي والنموِّ الحضري: دراسة سسيولوجية ميدانية للمجتمع السعودي لعواطف فيصل الأبياري هما الأقرب مباشرة لموضوع بحثنا.

وهذا لا يعني أن نتائج الدراستين الأخريين لم تدعم نتائج بحثنا ولكنهما يركِّزان كما تركِّز دراستنا الراهنة على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي.

خامسًا: توصيات ومقترحات البحث:
يحاول الباحث في هذا الجزء الأخير من أجزاء الدراسة وضع مجموعة من التوصيات والمقترحات في نطاق متكامل مع النتائج التي خرجت بها دراستنا الراهنة؛ حيث إن الإسهام الحقيقي لأيِّ دراسة علمية لا ينتهي بمجرَّد عرض النتائج وإنما يتمثَّل الإسهام الحقيقي والإضافة الفعلية في ربط نتائج الدراسة بتوصياتها ومقترحاتها، ولتحقيق هذا الهدف فسوف نتعرض بالتحليل والمناقشة لأهمِّ التوصيات والمقترحات وذلك على النحو التالي:
• توصيات ومقترحات فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسَق القرابي في مجتمعي بحرة وحدة:
1- إذا كانت نتائج الدراسة قد أيَّدت الاتجاه العام لاستقلال الأبناء عند الزواج في أسر مستقلة وفي نفس الوقت أيَّدت نتائج الدراسة المعارضة الخفية لهذا الاتجاه من قِبَل الآباء وكبار السن في كل من المجتمعين - فإن الباحث يوصي بأن توجِّه وسائل الاتصال الجمعي وبخاصة الراديو والتلفزيون برامجها نحو تعظيم دور الأسرة الممتدَّة، وبمعنى أكثر تحديدًا التركيز على إحياء العلاقات الاجتماعية بين هذه الأسر المستقلَّة وبين الجذور وأعني بذلك الأصول العرقية لهذه الأسر المستقلة.

2- يوصي الباحث بأن تشمل عملية التغيير البرامجَ والمسلسلات الإذاعية والتليفزيونية، بحيث تؤكِّد على تحمُّل الأبناء مسؤولية الاختيار للزواج، وهذا يؤدي - من وجهة نظر الباحث - إلى تخفيف حدَّة القيود التي يفرضها الآباء على أبنائهم.

3- في مواجهة ما خرجت به الدراسة من نتائج تنبئ عن تغيير اتجاهات أفراد كلٍّ من المجتمعَين نحو الزواج الداخلي، إلا أن الباحث يرى أن هذا التغير شكلي وبناء على ذلك يوصي الباحث بأن تلعب وسائل الاتصال الجمعي دورًا رئيسًا في توضيح الجوانب الصحيحة والجوانب السلبية التي تنجم عن الزواج الداخلي وذلك بأساليب سهلة ومقبولة.

4- يوصي الباحث بأن تلعب وسائل الاتصال الجمعي من خلال برامجها المتنوِّعة دورًا رئيسًا في حثِّ أفراد المجتمع على عدم المغالاة في إجراءات الزواج، والتأثيث، والمهور إذ إن المغالاة في هذه الأمور ينجم عنه آثار سلبية مثل تأخُّر سنِّ الزواج، وعزوف الشباب عن الزواج والانحرافات الخلقية التي لا تتَّفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية.

توصيات ومقترحات فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت النسَق الاقتصادي في مجتمعَي بحرة وحدة:
1- إذا كانت نتائج البحث قد أكَّدت على ذلك التغيير الذي أصاب النسَق الاقتصادي من جرَّاء تأثير وسائل الاتصال الجمعي؛ حيث تغيَّرت الأنشطة الاقتصادية التي كانت سائدة من الاعتماد على الرعي والزراعة المحدودة المعتمدة على الأمطار والآبار الجوفية إلى الاعتماد على إقامة وظهور اقتصاديات السوق وإنشاء الطرق السريعة - فإن الباحث يوصي بأن تلعب وسائل الاتصال الجمعي دورًا رئيسًا من خلال برامجها المتنوعة لتوعية أفراد المجتمع للاستفادة من هذه الإمكانيات التي وفرتها لهم الدولة.

2- نتيجة للموقع الجغرافي المتميِّز لمجتمعي بحرة وحدة وباعتبارهما ملتقى الطرق بين جدة ومكة، فإن الباحث يُوصِي بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بإعداد برامج لجذب المستثمرين لتوطين مشروعاتهم الزراعية والصناعية في هذين المجتمعين.

3- إنه نتيجة لزيادة حجم العمالة الأجنبية الوافدة على هذين المجتمعين نتيجة للتوسُّع في النشاط الاقتصادي، وخلق فرص جديدة للاستثمار - فإن الباحث يُوصِي بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بتوجيه مجموعة من البرامج والمسلسلات التي تدعو إلى التمسُّك بالقِيَم الإسلامية الأصيلة، وأن تُعَدَّ هذه البرامج بتلك اللغات التي تجيدها تلك العمالة الوافدة.

4- إذا كانت نتائج البحث قد أكَّدت انتشار ظاهرة المربيات الأجنبيات مع ما يصاحب هذه الظاهرة من سلبيات تنصبُّ على أهم عملية تقوم بها الأم؛ ونعني: عملية التنشئة الاجتماعية - فإن الباحث يُوصِي بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بإعداد برامج متنوِّعة تقدم للأسرة بصفة عامة وللأم بصفة خاصة، توضح مدى خطورة انتشار هذه الظاهرة، وأن يراعى في تقديم هذه البرامج الأوقات المناسبة التي يمكن أن يستفيد منها كلُّ أفراد المجتمع.

توصيات ومقترحات فيما يتعلق بتأثير وسائل الاتصال الجمعي على عمليات الاكتساب والتمثُّل الثقافي التي أصابت اتجاهات أفراد المجتمع إزاء تعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل في مجتمعي بحرة وحدة:
1- إذا كانت نتائج الدراسة قد أكَّدت على أن هناك اتجاهًا قويًّا نحو تعليم الفتاة حتى آخر مراحل التعليم - فإن الباحث يُوصِي بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بإعداد مجموعة من البرامج لربط مناهج التعليم باحتياجات وإمكانيات البيئة المحلية.

2- يُوصِي الباحث بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بإعداد برامج تُوَجَّه خاصةً للمرأة العاملة؛ لكي تستطيع أن تُوائِم بين أدوارها، سواء بالنسبة لأولادها وزوجها ومنزلها أو بالنسبة لعملها.

3- يُوصِي الباحث بأن تقوم وسائل الاتصال الجمعي بإعداد برامج متنوعة تُوَجَّه لكل أفراد الأسرة: تحثُّهم على قيمة العمل والإنجاز، وترشيد الاستهلاك والإنفاق.

خلاصة القول: فإن الباحث في نهاية هذه التوصيات والمقترحات يؤكِّد على موضوع مهمٍّ وخطير يتحدد في تأثير الأقمار الصناعية التي تنقل للمشاهد من كل مكان في العالم عديدًا من المحطات التليفزيونية، هذه الظاهرة - من وجهة نظر الباحث - في مواجهة وتحدٍّ خطير يمكن طرحه في صورة تساؤلين يمكن عرضهما على النحو التالي:
1- ما هو موقف وسائل الاتصال الجمعي في المجتمعات المحلية إزاء انتشار ظاهرة البثِّ المباشر من خلال الأقمار الصناعية.

2- هل تستطيع وسائل الاتصال الجمعي تخطيط برامجها بحيث تُواكِب متطلبات العصر، وفي نفس الوقت تحمي المواطن من خطورة الغزو الثقافي المتمثِّل في البثِّ المباشر للأقمار الصناعية؟

إن هذا الأمر يشكِّل خطورة على الأجيال الجديدة، وعلى عمليات التنشئة الاجتماعية، وعلى الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية في المجتمع، مما يدعونا إلى التوصية بضرورة أن يقوم المسؤولون عن وسائل الاتصال الجمعي بانتقاء البرامج التي تتناسب مع هوية المجتمع الإسلامي ونظامه الأساسي، بالإضافة إلى ضرورة التنوع في هذه البرامج، واختيار ما يصلح منها للتنمية الثقافية للمواطن العربي الذي يؤمن إيمانًا راسخًا بالشريعة الإسلامية.



منقوووووووول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق