اخر الأخبار

1‏/6‏/2012

بحث عن الزعيم محمد فريد

بسم الله الرحمن الرحيم
سأقدم الان بحث عن محمد فريد واليكم التفاصيل

محمد فريد بك (1868-1919 م) محام ومؤرخ معروف وأحد كبار الزعماء الوطنيين بمصر وله تمثال في ميدان باسمه بالقاهره تخليداً لذكراه. ترأس الحزب الوطني بعد وفاة مصطفى كامل. أنفق ثروته في سبيل القضية المصرية. من أشهر ما كتب: "تاريخ الدولة العثمانية".

كان الزعيم محمد فريد متفردًا في كل مزاياه، فهو مسلم شديد التدين، وهو ثوري شديد الثورية، وهو متجرد ومخلص إلى أقصي درجة، وهو منحاز إلى الفقراء والمستضعفين برغم كونه من أسرة ثرية، ثم هو يعطي بلا حدود، فينفق معظم ثروته على العمل الوطني ويموت في المنفي فقيرًا مريضـًا.


الجامعة الإسلامية

محمد فريد هو خليفة مصطفي كامل على زعامة الحزب الوطني منذ 1907 وقبل ذلك كان الرجل الثاني في الحزب وهو رفيق كفاح مصطفي كامل منذ البداية وبالتالي فإن مبادئ الحزب الوطني في حياة مصطفي كامل هي نفسها مبادئ محمد فريد لأنه شارك في صنعها وآمن بها منذ البداية، ثم استمر على نفس المبادئ في فترة زعامته للحزب الوطني منذ 1907 وحتى وفاته سنة 1919، وكانت تلك المبادئ هي الجامعة الإسلامية ـ الجلاء ـ وحدة وادي النيل ـ الدستــور.
وفي إطار الإيمان بوحدة المسلمين " الجامعة الإسلامية " انفرد محمد فريد بتأجيج هذا الإيمان وقوته لدرجة أنه ألف كتابًا عن تاريخ الدولة العلية العثمانية طبع سنة 1893 م ثم أعيد سنة 1896 م ثم في سنة 1912 م مما يدل على ثبات موقف محمد فريد في هذا الصدد.
يقول محمد فريد في مقدمة هذا الكتاب :” إن الملك العثماني قد لم شعت الولايات الإسلامية، وإن التعصب الديني في الممالك الأوروبية قد قام لتفتيت هذه الوحدة، وإن الدولة العلية هي الحامية لبيضة الإسلام والمدافعة عن حرية شعوب الشرق والزائدة عن حياضه “.
ويقول الرافعي:” إن سياسة محمد فريد الإسلامية هي سياسة مصطفي كامل، فقد عمل على توثيق عري التعاون والتضامن بين الأمم الإسلامية، وكان يدعو إلى هذه الغاية في مقالاته وخطبه وأحاديثه “0

وقد اهتم محمد فريد في منفاه في أوروبا بإنشاء جمعية ترقي الإسلام، كما أصدر مجلة بالفرنسية للتحدث باسم هذه الجمعية وتعمل على نشر المقالات الإسلامية والأخبار التي تهم العالـم الإسلامـي0
كما حرص محمد فريد - كما يقول الرافعي- على توثيق علاقة مصر بتركيا، لكي يحبط المساعي الإنجليزية التي كانت ترمي إلى حمل الحكومة التركية بمختلف الوسائل على الاعتراف بمركز الاحتلال البريطاني في مصر0 ( الرافعي ـ محمد فريد، ص 496 )

الانحياز إلى الفقراء والمستضعفين

وانطلاقًا من فهم محمد فريد للإسلام وانطلاقًا من التزامه بمبادئ هذا الدين الحنيف فإن محمد فريد انحاز انحيازًا واضحًا إلى الفقراء والمستضعفين، كما أهتم بنشر التعليم، وتتجلى جهوده تلك في دراسته للميزانية في اجتماعات الحزب الوطني، ودعوته إلى تعديلها للإنفاق على إصلاح حالة الشعب والعناية بالصحة والأحياء الشعبية، ففي يوم 7 يناير سنة 1910م يقول محمد فريد :” إن هناك إهمال واضح للأحياء الشعبية، وهناك عدم اعتناء بصحة الأهالي لدرجة مروعة إذ ثبت بالإحصاء أن متوسط الوفيات في السنة يتراوح بين (80 –60 ) في الألف مع أنها في مدن أوربا لاتزيد عن 25 في الألف مطلقًا وليس هذا لفقر الميزانية المصرية ولكن من إهمال مصلحة الصحة وصرفها المبالغ المخصصة لها في الأحياء التي يقطنها الإفرنج وإهمالها باقي الأحياء “0
وفي نفس الخطبة يقول محمد فريد :” إن المعاهدات التجارية التي تبرمها الحكومة مع الدول لا تراعي مصالح البلاد الاقتصادية، فيجب الاهتمام بالحاصلات الضرورية للفقراء وعدم فرض ضرائب عليها، بل يجب فرض الضرائب والجمارك على المنتجات الأجنبية وتشجيع الصناعة الوطنية، وليس من المعقول أن نفرض على الحنطة والدقيق نفس الضرائب التي تؤخذ على الخمور، بل ليس من المعقول أن تفرض الحكومة ضريبة 80%على المغازل المصرية في حين تعفي صناعة الخمور منها “0
دعا محمد فريد إلى وضع تشريع للعمال يراعي مصالحهم ويرفع عنهم البؤس والجهل والإرهاق، كما أهتم بإنشاء نقابات للعمال والصناع لترقية أحوالهم والعناية بشئؤنهم، وساهم بنفسه في تأسيس نقابة للصناع بالقاهرة وهي نقابة عمال الصنائع اليدوية وأنشأ لها ناد ببولاق، كما أهتم بدعم قيادات الحزب الوطني، وساهم في إنشاء العديد من الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية في القرى والمدن، وقد وجه محمد فريد تلاميذه إلى بذل جهودهم لدعم الحركة التعاونية والمشروعات الاقتصادية وأعتبر هذا عملاً وطنيًا من الدرجة الأولي0 (الرافعي ـ محمد فريد ص 499 ).
كما وجه محمد فريد عنايته بالتعليم فسعي إلى تأسيس مدارس الشعب الليلية لتعليم الصناع والعمال مجانًا، وأسس العديد من هذه المدارس في القاهرة والبنادر، وكان يدعو دائمًا إلى تعميم التعليم الابتدائي وجعله مجانيًا وإلزاميًا لكل مصري ومصرية، كما ساهم في إنشاء الجمعيات الخيرية بهدف تأسيس المدارس، وعمل على إنشاء مدرسة ثانوية في كل مدينة، وكان من أهم العناصر المؤسسة لمشروع الجامعة المصرية، وأكتتب في مشروع الجامعة المصرية بمبلغ مائتي جنيه سنويا.
وقد وصل انحياز محمد فريد إلى الفقراء إلى درجة أن مدام رينيه سجلت بنفسها القول بأن أفكار محمد فريد تكاد تكون متقاربة مع أفكار لينين حول استغلال الرأسمالية لطبقات الشعب ( المصور، 14 نوفمبر 1969 حديث صحفي مع مدام رينيه الفرنسية ص 30، نقلاً عن د0 عصام ضياء الدين، الحزب الوطني والكفاح السري، الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 115).
وفي الحقيقة فإن كراهية محمد فريد للرأسمالية وانحيازه للفقراء، كان نابعا من الإسلام، وأن اتفاقه في الأفكار مع لينين لا يرجع إلى إيمان محمد فريد بالماركسية أو الاشتراكية، بل يرجع إلى الفهم العميق للإسلام الذي كان يمثله محمد فريد وبديهي أن الإسلام ينحاز إلى الفقراء ويكره استغلال الشعوب، ويحارب الرأسمالية بطريقة أكثر جدوى وعلمية من الماركسية والاشتراكية وغيرها من المبادئ والنظريات الوضعية التي انهارت الآن بعد إفلاسها، ولو لجأت البشرية إلى الإسلام كحل لقضايا الظلم الاجتماعي لكان مصير البشرية الآن مختلفًا ولكان الفقراء والمستضعفين قد حصلوا على حقوقهم كاملة، ولكان عصر الرأسمالية البغيض قد أنهار منذ فترة طويلة.

الإعـداد للثورة

كان محمد فريد يؤمن بان الأسلوب الوحيد لمقاومة الاحتلال هو الكفاح الشعبي السلمي والمسلح ـ العلني السري ـ وقد سجل الدكتور عصام ضياء الدين في كتابه الرائع " الحزب الوطني والكفاح السري 1907 ـ 1915 م الرأي بأن محمد فريد قد لعب دورًا كبيرًا بالاتفاق مع كل من عبد العزيز جاويش وإبراهيم الورداني في إنشاء وإدارة الكثير من المنظمات والجمعيات السرية بهدف تسليح الجماهير بالوعي والقوة والإعداد للثورة على الإنجليز والخديوي، وأن محمد فريد كان يستهدف إنشاء تنظيم سري وكبير في كل مكان استعداداً لتلك الثورة، وفي الحقيقة فإن سلطات الاحتلال قد أشارت إلى وجود 85 منظمة سرية مسلحة تابعة للحزب الوطني سنة 1910، وهو رقم كبير جدًا يدل على مدي انتشار تلك الجمعيات السريـة.
يقول د0 عصام ضياء الدين في نفس المرجع السابق الإشارة إليه ص 293 " وفي الحقيقة فإنه لولا تلك الجهود التي بذلها الحزب الوطني وقيادته الثورية لما نشبت ثورة 1919، فمما لا شك فيه أن الكوادر الثورية التي خلقها الحزب في مصر كان مقدرًا لها القيام بالثورة قبل هذا التاريخ بسنوات ولكنه نظرًا لظروف الإرهاب والنفي والاضطهاد والتنكيل التي مارستها سلطات الاحتلال على الوطنيين أثر حادثة بطرس غالي وطيلة سنوات الحرب العالمية الأولي فإنه لم يكن هناك مناص من تأجيل الثورة، فالحزب الوطني حرك في المصريين مرة أخري مشاعر الثورة بعد السكون الرهيب الذي أطبق على الحياة في مصر بعد انتكاسة ثورتها سنة 1881 ـ 1882 م، وكانت الفترة من 1908 ـ 1912 م حين خرج محمد فريد من البلاد، فترة نضوج ثوري بعد جهود الحزب المخلصة في تحرير الشعب وممارسة العنف الثوري الذي تجلي في الحوادث العديدة التي شهدتها مصر منذ 1910 إلى 1915 .


أهداف محمد فريد لمصر

أعلن محمد فريد أن مطالب مصر هي: الجلاء والدستور. وكانت من وسائله لتحقيق هذه الأهداف: تعليم الشعب علي قدر الطاقة ليكون أكثر بصراً بحقوقه، وتكتيله في تشكيلات ليكون أكثر قوة وارتباطاً. أنشأ محمد فريد مدارس ليلية في الأحياء الشعبية لتعليم الفقراء مجاناً. وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطني وأنصاره من المحامين والأطباء الناجحين، وذلك في أحياء القاهرة ثم في الأقاليم.

انجازاته

وضع محمد فريد أساس حركة النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909 ثم اتجه الي الزحف السياسي، فدعا الوزراء الي مقاطعة الحكم، وقال "من لنا بنظارة (أي وزارة) تستقيل بشهامة وتعلن للعالم أسباب استقالتها؟ لو استقالت وزارة بهذه الصورة، ولم يوجد بعد ذلك من المصريين من يقبل الوزارة مهما زيد مرتبه، اذن لأُعلن الدستور ولنلناه على الفور"

عرفت مصر علي يديه المظاهرات الشعبية المنظمة، كان فريد يدعو إليها، فيجتمع عشرات الألوف في حديقة الجزيرة وتسير الي قلب القاهرة هاتفة بمطالبها. وضع محمد فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب الي توقيعها وارسالها اليه ليقدمها الي الخديوي، ونجحت الحملة وذهب فريد الي القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات وكانت 45 ألف توقيع وتلتها دفع أخرى

محاكمته

تعرض محمد فريد للمحاكمة بسبب مقدمة كتبها لديوان شعر بعنوان "أثر الشعر في تربية الأمم"، من ما قال فيها: "لقد كان من نتيجة استبداد حكومة الفرد اماتة الشعر الحماسي، وحمل الشعراء بالعطايا والمنح علي وضع قصائد المدح البارد والاطراء الفارغ للملوك والأمراء والوزراء وابتعادهم عن كل ما يربي النفوس ويغرس فيها حب الحرية والاستقلال.. كما كان من نتائج هذا الاستبداد خلو خطب المساجد من كل فائدة تعود علي المستمع، حتي أصبحت كلها تدور حول موضوع التزهيد في الدنيا، والحض علي الكسل وانتظار الرزق بلا سعي ولا عمل"

ذهب محمد فريدالي أوروبا كي يُعد لمؤتمر لبحث المسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص كي يدعو اليه كبار معارضي الاستعمار من الساسة والنواب والزعماء، لايصال صوت القضية المصرية بالمحافل الدولية. نصحه أصدقاؤه بعدم العودة بسبب نية الحكومة محاكمته بدعوي ما كتبه كمقدمة للديوان الشعري، ولكن ابنته (فريدة) ناشدته علي العكس بالعودة، في خطابها الذي مما جاء فيه: "لنفرض أنهم يحكمون عليك بمثل ما حكموا به علي الشيخ عبد العزيز جاويش، فذلك أشرف من أن يقال بأنكم هربتم... وأختم جوابي بالتوسل اليكم باسم الوطنية والحرية، التي تضحون بكل عزيز في سبيل نصرتها أن تعودوا وتتحملوا آلام السجن!"

حُكم علي محمد فريد بالسجن ستة أشهر، قضاها جميعاً ولدي خروجه من السجن كتب الكلمات الآتية: "مضي علي ستة أشهر في غيابات السجن، ولم أشعر أبداً بالضيق الا عند اقتراب خروجي، لعلمي أني خارج الي سجن آخر، وهو سجن الأمة المصرية، الذي تحده سلطة الفرد.. ويحرسه الاحتلال!.. ان أصبح مهدداً بقانون المطبوعات، ومحكمة الجنايات.. محروماً من الضمانات التي منحها القانون العام للقتلة وقطاع الطرق.."

موته

استمر محمد فريد في الدعوة الي الجلاء والمطالبة بالدستور، حتي ضاقت الحكومة المصرية الممالية للاحتلال به وبيتت النية بسجنه مجدداً، فغادر فريد البلاد الي أوروبا سراً، حيث وافته المنية هناك، وحيداً فقيراً، حتي أن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه الي أرض الوطن، الي أن تولي أحد التجار المصريين من الزقازيق نقله بنفسه علي نفقته الخاصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق