اخر الأخبار

6‏/4‏/2013

بحث عن النظرية العلمية الاسلامية للأدارة - بحث عن الادارة الصحيحة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأقدم الان بحث عن النظرية العلمية الاسلامية في الادارة
اليكم التفاصيل
إن المساهمات البحثية في مجال الظواهر الإنسانية بعامة، وفي مجال الظاهرة الإدارية بخاصة، قد ظلت عاجزة عن الوصول إلى الحقائق العلمية الكاملة* التي ينبغي إقامة حياة الناس وعلاقاتهم وتنظيماتهم بناء عليها، وأن معظم ما تم الإنتهاء إليه لا يعدو أن يكون مجرد تفسيرات إجتهادية يغلب عليها الإجتهاد الشخصي، أو التحليل المنطقي، أكثر منها حقائق أو قواعد يقينية مؤكدة، الأمر الذي ظل يحكم حياة الناس بالإختلافات والخلافات والصراعات. 
إن ذلك يعود بالدرجة الأساسية إلى محاولة الباحثين، على إختلاف مشاربهم تقريبا، إخضاع الظواهر الإنسانية لمنهج البحث الذي يطبق أثناء بحث الظواهر الطبيعية أو الكونية، وذلك ضمن جهل حقيقي بما يسمى ببديهية التوافق بين المنهج المستخدم وطبيعة الظاهرة التي يتم بحثها، ولا بد أن يكون المنهج من جنس الظاهرة.

فالظواهر الطبيعية تخضع للمنهج العقلي التجريبي الذي يمكّن من التعامل معها ثم التوصل إلى حقائقها العلمية، فالعقل البشري جزء من حقيقة الكون وهو القادر وحده على كشف قوانينها. أما الظواهر الإنسانية فإن العقل الإنساني يستطيع أن يتعامل معها إلا أنه لا يستطيع كشف قوانينها وحقائقها العلمية، لأن ظاهرة العقل تختلف عن هذه الظواهر، ويختلف في جنسه عنها. وهنا لا بد من استخدام ما يسمى بالمنهج العقيدي الذي يمثل المنهج الأساس والوحيد الذي قدّم تقنينا متكاملا حول الظواهر الإنسانية، وقد أكد المؤلف على أن توصله إلى ما أسماه "نظرية I" هو نتيجة للتعامل مع هذا المنهج وكشف حقيقته. 
ومنطلق تسمية النظرية بنظرية "I" يعتمد على أن الحرف I هو الحرف الأول من (Islam) ومن (International)، باعتبار أن هذه النظرية قامت بالاستناد إلى المنهج العقيدي، وبخاصة العقيدة الإسلامية وإن نتائج ذلك ينبغي أن تكون هي النتائج التي تستحق أن تكون علمية ومطلقة عبر حدود المكان.
وقد جاءت هذه النظرية بعد عرض وتحليل وتفنيد لكل الفكر الإداري الغربي الذي أطلق عليه بعض الباحثين نموذج (A) مأخوذا من (American) باعتبار أن نشأة الفكر الإداري وزخمه الحديث يعود إلى المساهمات التي قدمها الكتاب الأمريكان بالدرجة الأساسية، ومن الأفضل تسمية هذا النموذج بنموذج (L) مأخوذا من ليبرالية (Liberalization) التي هي الهوية الفلسفية والقيمية للمجتمعات الغربية برمتها. كما تم عرض وتفنيد نموذج (J) المأخوذ من التجربة اليابانية (Japanese). وكانت عملية بناء هذه النظرية قد تمت وفق صورة تدرّجية وتراكمية من الفصل الأول حتى الفصل الأخير في الكتاب، وأن على القارئ أن ينتبه لهذه التدرّجية ويتعامل معها دونما قفزات حتى يتمكن من المتابعة الموضوعية. 
يتحدث الفصل الاول عن "المدخل إلى نظرية المعرفة ومقومات النموذج" ، وبرغم تعدد وتنوع الموضوعات التي تضمنها الفصل إلا أنه يمثل في مجمله المنهج العقيدي الذي يعتمد على الأفكار التالية: 
1. أن التوصل إلى المعرفة العلمية حول أية ظاهرة يفترض اتباع منهج علمي يتوافق مع طبيعة هذه الظاهرة. 
2. إن دوائر المعرفة التي ينشغل العقل البشري ببحثها ثلاث دوائر هي:
‌أ. دائرة الغيب، وهنا فإن العقل البشري لا يستطيع التعامل معها ولا يستطيع أن يتوصل حولها إلى أية نتائج يقينية. وبالتالي فإن الانصراف لبحثها هو تصرف عبثي مضيع للوقت والطاقة، وإن الحصول على أية معلومات حولها لا يمكن إلا بالعودة إلى ما قدمته العقائد السماوية في هذا المجال، وخاصة العقيدة الإسلامية والتسليم بها تسليما". 
‌ب. دائرة الكون؛ وهي دائرة العقل لأنه جزء من حقيقة هذا الكون ويتوافق في طبيعته مع طبيعة الظواهر الكونية، وبالتالي فإنه يستطيع التعامل معها ويستطيع أن يكشف قوانينها. 
‌ج. دائرة الإنسان والظواهر الإنسانية؛ التي تتكون تجسيدا لعلاقات الإنسان مع بني جنسه، وهنا فإن العقل يختلف في جنسه عن جنس هذه الظواهر، ولكنه يستطيع البحث فيها دون أن يكون قادرا على كشف الحقائق اليقينية حولها، وإذا إهتدى إلى أي حقيقة بطريقة أو بأخرى فإنه لا يستطيع إثباتها. 
3. إن أية ظاهرة كونية، من الظواهر المتناهية في الصغر وحتى المتناهية في الكبر، هي ظاهرة نظمية، تحتكم في وجودها وحركتها لقواعد وقوانين غاية في الدقة، وإن وظيفة الإنسان الإستخلافية تتجسد أولا في العمل على كشف هذه القوانين، واستخدامها لتحقيق غاية مزدوجة هي "غاية المعرفة" التي تتمثل في ثنائية (السعادة – الحضارة) السعادة على المستوى الفردي، والحضارة (أو عمارة الكون) على المستوى الجمعي. 
4. إن فهم أي نظام ينبغي أن يدرك أن لكل نظام وحدة بناء، أو وحدة معرفة، أو حقيقة جوهرية، تتوافق في طبيعتها مع طبيعة الظاهرة التي يمثلها النظام، ويلتف حولها جسد هذه الظاهرة وتحتكم إليها حركتها. وتتركز في هذه الوحدة كل قوانين الظاهرة المعنية، وإن علم هذه الظاهرة يكون هو علم هذه الوحدة. فالظواهر الطبيعية المادية تحتكم برمتها إلى وحدة معرفة هي "الذرّة" التي تتركز فيها كل قوانين الظاهرة محل البحث، وتختلف العناصر المادية باختلاف بنائها الذري، وبالتالي فإن علوم المادة هي علوم الذرات. 
وعندما تمكن الإنسان من كشف ذلك أمكنة أن يحقق ثورات متلاحقة هي الثورة النووية، والثورة الإلكترونية والبروتونية والنيوترونية. كذلك فإن جميع الظواهر الحية (نباتية أو حيوانية أو بشرية)، تحتكم لوحدة معرفة هي (الخلية)، وتختلف خلية كل كائن عن الآخر، وإن جميع قوانين وجود ذلك الكائن تتركز في خليته، وبالتالي فإن علوم الحياة هي علوم الخلايا، وعندما تمكن الإنسان من التعامل مع الخلايا أصبح يحقق ثورات الهندسة الوراثية والثورة الجينية وثورة الاستنساخ...الخ.
5. إن وحدة المعرفة بالنسبة للظواهر الإنسانية عامة تتمثل فيما يسميها المؤلف "بالقيم الجوهرية" لإن هذه الظواهر تتشكل نتيجة علاقات الناس بعضهم ببعض، وإن منظومة علاقات أي إنسان"فرداً أو جماعةً" هي في الحقيقة تعبير عن "قيم ما" يحتكم إليها هذا الإنسان أو هذه الجماعة. وإن العمل على فهم هذه العلاقات، أو بناء نظمها، ينبغي أن يبدأ من تحديد القيمة الجوهرية التي ينبغي أن تقوم عليها، ثم بناء منظومة القيم التي تلتف حول هذه القيمة الجوهرية التفاف النحلات حول ملكة النحل لتشكيل خلية النحل المتكاملة. 
وبناء عليه، فإن العلوم الإنسانية تصبح هي علوم القيم، وإن بناء أي نموذج لأي نظام يجب أن يبدأ بتحديد القيمة الجوهرية ثم منظومة القيم "فلسفة النموذج". وينتهي المؤلف إلى تقديم مقومات النموذج العام الذي يتم بناؤها وفق ذلك بالنسبة لأية منظمة، ويحددها في النموذج المقابل.
وينتقل الفصل الثاني الى الحديث عن علمية الإدارة وروافد الفكر الإداري، مؤكدا على أن المساهمات الفكرية المختلفة لم تفلح في الحيلولة دون تقوقع الإدارة كفن عملي وحسب، وأنه ينبغي العمل على كشف هويتها العلمية معتمدا على فرضية عامة مفادها؛ حتمية أن يكون لكل ظاهرة تم اكتشافها والتحقق من خصوصيتها علمها الخاص بها، وقواعدها التي تحكم وجودها وحركتها. 
ومن خلال عرض جميع الروافد الفكرية التي أثرت في الفكر الإداري الغربي والفكر الإداري في الدول الأخرى التابعة، سواء كانت الروافد الفكرية في مرحلة الفكر التقليدي، أو في مرحلة الفكر السلوكي (الحديث) كما تمت تسميته، وبعد تحليل وتقييم ذلك يمكن التأكيد على عجز أنصار الفكر التقليدي عن تقديم ما يبرر حديثهم عن علم الإدارة، وأنهم كما يقول أحد الكتاب الأمريكان لم يعملوا كثيرا من أجل توحيد الإدارة في نظرية واضحة ومحددة تصلح للتدريس بشكل متكامل ومتطور، وأن أكثر ما قدموه لا يعدو أن يكون مجرد مبادئ أو قواعد محدودة ومحددة يمكن تعليمها لعامل أو موظف بعينه لكي يعرف أفضل الطرق المتاحة لأداء مهمة محددة بعينها. ومن الواضح أن هؤلاء قد خلطوا خلطا غير دقيق بين عملية الإدارة وعملية الأداء، وتحدثوا بالتالي ضمن خلط مناظر بين هندسة الإدارة وهندسة الأداء، وهذا ما أدى بهم إلى النتيجة المشار إليها. 
كما أن من المؤكد عجز أنصار مدرسة العلاقات الإنسانية والمدرسة السلوكية والمدرسة البيئية عن إثبات عدم علمية الإدارة، ومن خلال تحليل وتقييم أهم مساهماتهم يتبين أن إنكار علمية الإدارة بالإستناد إلى الحجج التي قدموها هو إنكار سطحي، ولا يرقى إلى الحقائق المنهجية التي ينبغي إدراكها عند بحث مثل هذا الموضوع.
ومن خلال استعراض المساهمات الأخيرة التي تمثلت مع نهاية سبعينيات القرن الماضي فيما أسمي بفكر إدارة الجودة الشاملة، ومن خلال تحليل وتقييم أبرز التطبيقات التي تمت لهذا الفكر في كبرى الشركات الأمريكية (53 شركة)، يمكن الوصول إلى عملية تقييمية تؤكد عجز رواد هذا الفكر عن تقديم نظريات واضحة ومتكاملة وقائمة على أسس منهجية، وكذلك عجز القائمين على تطبيق ذلك، الأمر الذي يؤكد عجز جميع هؤلاء عن التوصل إلى نظرية علمية، ونموذج علمي، يمكن الاعتداد به. ولعل الحكمة الكبرى من تقديم الكاتب لجميع هذه التحليلات والتقييمات تتمثل في تأكيده على عدم التوصل إلى نظرية إدارية حتى الآن وأنه سيبدأ مع بداية الفصل التالي ببنائها. 
وفي الفصل الثالث الذي يحمل عنوان "مفاصل الفلسفة الإدارية" وفلسفة (I) للتفوق أو لإدارة الجودة الشاملة" ، يسعى في النتيجة الإجمالية لهذا الفصل إلى كشف ما هي القيمة الجوهرية العليا بالنسبة للظاهرة الإدارية أو النموذج الإداري الأعلى، باعتبارها الأساس الذي يبنى على ضوئها نموذج التفوق. وللوصول إلى هذا الهدف فإنه يقدم عرضا موفقا ومتكاملا ومؤصلا لجميع مراحل تطور الفكر الإداري والنماذج الإدارية، بدءا من مرحلة ما قبل الإدارة أو ما أسماها "مرحلة الإدارة بالفساد" (MBC) وهي التي كانت تسود ضمن ما أسمي في الولايات المتحدة الأمريكية بنظام الإسلاب أو الغنائم (Spoil System) وما تسود بصورة أو بأخرى في نظم العالم الثالث بعامة حتى الآن تقريبا. 
ثم مرحلة الفكر التي كانت تلتف حول ما أسماها المؤلف بقيمة الكفاية (Sufficiency) وتمثل نموذج الإدارة بالقوانين (MBL) مؤكدا على أن استخدام الفكر الإداري الغربي والفكر التابع لمصطلح كفاءة وهو يصنف هذه المرحلة هو استخدام خاطئ ولا يميز بين القيمة العليا لأصحاب المنظمات متمثلة في كفاءة الإنتاج وبين القيمة العليا للإدارة في هذه المنظمات التي تسعى لتحقيق قيمة أصحاب المنظمات وفق فلسفات إدارية مختلفة، وإن الكفاية هنا هي فلسفة الإدارة في هذه المرحلة، وإن كانت فلسفة أصحاب المنظمات هي الكفاءة الإنتاجية. ثم مرحلة الفكر الحديث (الفكر السلوكي) والذي يقوم حسب النموذج الإداري الغربي على فلسفة الكفاءة Efficiency ويتمثل إلى حدّ كبير في نموذج الإدارة بالأهداف "MBO". 
وأخيرا يتحدث عن مرحلة فكر إدارة الجودة الشاملة، وما أعقبها حتى الآن، ويرى أنها قامت على فلسفة مختلفة عن فلسفة الكفاءة وترقى عليها. وهي فلسفة الفعالية (Effectiveness) مؤكدا على فهم مختلف لمصطلح الفعالية عما هو سائد من فهم لها في الفكر الغربي أو التابع، ويرفض الاستخدام القاصر والمجتزأ لها كما هو في ذلك الفكر، ويرى أن نموذج إدارة الجودة الشاملة والنموذج الياباني كانا أكثر دقة، ويؤكد أن نموذج التفوق(I) هو النموذج القادر على التعبير عن هذه القيمة بصورة أكثر وضوحا وتحديدا وتكاملا، ويسميه المؤلف "نموذج الإدارة بالقيم (MBV) ".
يتحول في الفصل الرابع ضمن عملية ارتقائية في بنائه للنظرية، فيتحدث عن "التوافق الفكري ونماذج الإدارة الرئيسية"، ويعتقد بذلك أن بناء أي منظمة لا بد أن يقوم على فلسفة محددة أو منظومة قيم تعطيها هويتها، وأنه ينبغي التمييز في هذه المنظومة بين: 
- قيم أصحاب المنظمة (سلطة المنظمة).
- قيم الإدارة.
- قيم العاملين. 
- قيم المجتمع المحيط (سياسية واجتماعية واقتصادية).
وإن بناء النموذج يفترض التوافق بين القيم المختلفة، وإلا حدث انفصام قيمي، ثم انفصام في الهوية، وبالتالي انفصام في النموذج، مما يهدد وحدته وتكامله واستمراريته. ويشير المؤلف إلى حالة المنظمات التي قد توجد في مجتمعات ما، ولا ترغب في التعامل مع قيم هذه المجتمعات، وتحتفظ بمنظومة قيمها في بلدها الأم، ويقول أنه يمكن ذلك ببروز هذه المنظمات "كالجزر المنعزلة"، وعندها فإن التوافقات الثقافية أو القيمية تقتصر على القيم الثلاث الأولى. 
وتبرز أهمية هذا التوافق في حالة النموذج الليبرالي الغربي في مرحلتيه (L1,L2) وكذلك حالة النموذج الياباني (J)، ومحاور التوافق فيها، كما يشير إلى ما أسمي بنموذج (Z)، والخلاصة أن هذا النموذج قد أخفق في تحديد منظومة القيم التي ينبغي أن تحكم وجوده رغم تأكيده المتواصل عن أهمية القيم، وبالتالي أخفق في أن يكون نموذجا بكل ما تحمله هذه الكلمة من مقومات. 
الفصل الخامس خصص لبحث "نظرية I والتوافقات الفلسفية، وان أهم ما تمت الإشارة إليه في هذا الفصل ما يلي: 
أولا: أن التوافقات الفلسفية في أي نموذج لأي منظمة يبدأ بالبحث في (القيمة العليا) التي يحتكم إليها النظام السياسي أو النظام العام في المجتمع المحيط (بالنسبة للمنظمات التي لا تقدم نفسها كجزر منعزلة) أو النظام السياسي في البلد الأم، لأنها هي الأساس الذي تدار عملية التوافق بناء عليه وتتمحور حوله. 
ثانيا: إن المنهج العقيدي يركز على قيمة العدالة باعتبارها القيمة العليا التي ينبغي أن يقام على أساسها النظام السياسي أو النظام العام في المجتمع الذي يريد أن يتبنى نموذج التفوق، وقد أجرينا مقارنة مطولة بين قيمة العدالة وبين قيمة الحرية التي يقوم عليها النموذج الليبرالي برمته، رغم اختلاف المحتوى تقريبا في مرحلتي (L1,L2)، وقيمة المساواة التي يقوم عليها النموذج الشيوعي أو الاشتراكي، وقيمة المساواة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الياباني (J).
وتتم هذه المقارنة عبر حوارية موضوعية رجعنا خلالها إلى روافد الفكر السياسي وتطوراته المختلفة، ثم عبر حوارية عقيدية أكدت على أن أهم ما ينبغي أن تتميز به القيمة العليا هو أن تكون قيمة توحيدية، فقانون التوحيد هو قانون الإعجاز الإلهي في الكون، حيث ما خلق الله من كائن في الكون "جماد، نبات، حيوان، بشر" إلا وفق عملية توحيدية بين نقيضين أو مختلفين، فالذرات برمتها وهي وحدات بناء المادة خلقت بتوحيد بين الكترون وبروتون "سالب وموجب"، والخلايا برمتها وهي وحدات بناء الكائنات الحية تشكلت بتوحيد بين "ذكري وأنثوي" وبالتالي فإن بناء أية منظمة حتى تبرز كنظام إنساني ينبغي أن تحتكم لقيمة تتمكن من توحيد ثنائية ( الفرد – الجماعة) التي هي أساس وجود هذه المنظمة وحيويتها.
وهذا يعني أن تكون قيمة قادرة على حماية ذوات الأفراد وتوكيدها دون أي مساس بذات الجماعة وروحها، وكذلك توكيد وحماية ذات الجماعة وروحها دون مساس بذوات الأفراد فيها. إنها عملية توحيدية تحتاج لقانون يبدو أكثر تعقيدا من قانون التوحيد الذري، وتؤكد على أنه قانون قيمة العدالة فقط، أما القيم الأخرى فإنها قيم سامية وهامة ولكنها تأتي في الدرجة الأدنى بالنسبة لقيمة العدالة وينبغي أن تنظم وتنتظم في إطارها. أما قيمة العدالة فإنه ينبغي أن يتم الحفاظ على إطلاقها لتظل هي القيمة العليا الحاكمة. 
ثالثا: إن المستوى القيمي العقيدي يقدم منظومة كبيرة من القيم، وقد عملنا على تجسيد هذه المنظومة مع قدر من التمييز بين عدد من المنظومات القيمية الجزئية التي تتوحد وتتكامل ضمن ما أسميناه "المنظومة العقيدية". 
رابعا: تقديم نموذج مقارن بين المنظومة القيمية الليبرالية (L1,L2) والمنظومة القيمية وفق النموذج الياباني وبين المنظومة العقيدية، لتشكيل صورة عامة وشاملة حول ذلك.
أما الفصل السادس الذي يحمل عنوان "التوافقات التنظيمية وفلسفة الإدارة: دراسة في النماذج الأساسية" فيؤكد ضمن عملية ارتقائية ومتكاملة ومتصلة بما سبق، على أن بناء نموذج المنظمة المتفوقة بناء تنظيميا وإداريا ينبغي أن يتم ضمن إدراك لحتمية التوافق بين منظومة القيم "الفلسفة" أو الثقافة المؤسسية، وبين التراتيب التنظيمية التي تقوم عليها كيانية المنظمة وعملياتها، وقد تم التأكد من هذه الحتمية خلال عرض معمق للنماذج الرئيسة الموجودة في الواقع العملي كالنموذج الليبرالي بمرحليته (L1,L2)، والنموذج الياباني في وضعه التقليدي الذي ظل سائدا حتى سبعينيات القرن المنصرم.
فقد تم إبراز التوافقات التنظيمية الفلسفية في مرحلة الإدارة التقليدية أو نموذج الإدارة التقليدي الذي قام على فلسفة الكفاية الإدارية، ونظر لهذه التوافقات من ثلاث زوايا هي زاوية قواعد النظام الإداري وتراتيبه التنظيمية، وزاوية العمليات الإدارية الأساسية وبخاصة عملية القيادة والمتابعة والتقويم، ثم زاوية عمليات صيانة المنظمة. ثم تم إبراز هذه التوافقات في مرحلة الإدارة السلوكية أو نموذج الإدارة الحديث كما أسمي في الغرب، والذي قام على فلسفة الكفاءة، ونظرنا إلى هذه التوافقات من نفس الزوايا الثلاث السابقة، وكذلك تم بحث هذه التوافقات في النموذج الياباني وضمن عملية مقارنة مع معطيات النموذج الليبرالي وبالنظر من نفس الزوايا الثلاث المذكورة، كما بينا بعض النتائج التي تضمنها ما أسمي بنموذج (Z) أيضا. 
يبحث الفصل السابع والأخير, والذي حمل عنوان " التوافقات التنظيمية وفلسفة I للتفوق " هذه التوافقات ضمن نموذج I أو نموذج التفوق الذي تقدمه النظرية, وقد تم إبراز هذه التوافقات مع التأكيد على ما يلي: 
1. إن النموذج العقيدي يحدد الثابت الرئيسي لديه، ويتمثل في القيمة الجوهرية، ومنظومة القيم، التي ينبغي أن تحتكم إليها جميع مفردات أو مقومات النموذج الأخرى. 
2. إن النموذج العقيدي لا يتعامل مع الثوابت التنظيمية أو الإدارية ويرى أن الترتيبات التنظيمية أو الإدارية قد تختلف عبر الزمان أو المكان، ولكنه يؤكد على ضرورة أن تتوافق أي ترتيبات يمكن أن يتوصل إليها الناس أو المنظمون أو الإداريون وهم يعملون على بناء نموذج منظماتهم مع منظومة القيم العقيدية وذلك كأساس يضمن أن تختار التراتيب وفق عملية معيارية تحول دون أي إنفصامات تنظيمية أو إدارية، مما يحفظ للنموذج توحده وتكامله . 
3. إن بحث التراتيب التنظيمية و الإدارية وفق الزوايا الثلاث التي تمت مناقشة التوافقات الفلسفية التنظيمية على أساسها في النماذج المختلفة، وتقديم تفاصيل حولها باعتبارها التراتيب التي يقوم عليها نموذج التفوق، هي تراتيب إجتهادية قدمناها مع الإستعانة بأية اشارات ذات صلة في إطار النموذج العقيدي الذي لم يقدم مفردات النموذج وتراتيبها كما أشرنا سابقاً ولكنه، ولحكمة من عند الله سبحانه وتعالى، قدَّم ما يمكن الإستفادة منها في بناء النموذج.
وقد جاءت هذه الإشارات حول هذه المعايير في المواطن والمواقع التنظيمية التي تكون مفيدة رغم اختلافات الزمان والمكان، ولذلك فإننا نؤكد على إمكانية وجود تراتيب إدارية وتنظيمية قد تكون مختلفة عمّا تم تقديمه في مصطلحاتها أو في بعض مضامينها، وتكون تراتيب مقبولة، ويمكن أن تندرج ضمن مقومات النموذج " نموذج التفوق I " طالما أنها تتوخى التوافق مع منظومة القيم العقيدية التي ينبني على أساسها.
فالمعيار الرئيسي في العمل التنظيمي لإستكمال نموذج التفوق أو تعديله..... هو تحقيق الإنسجام المتواصل مع معيار منظومة القيم العقيدية. وقد اشتملت التراتيب التي تم ذكرها وتحديدها جميع الزوايا الثلاث الأساسية التي يقوم عليها نموذج المنظمة. وقد انتهى هذا الفصل إلى تقديم عملية مقارنة بين النموذج الليبرالي والنموذج الياباني والنموذج العقيدي "نموذج I للتفوق". 
وفي خاتمة مكثفة، تم التركيز فيها على ضرورة التمسك بالقيم الجوهرية التي تضمنها النموذج العقيدي (I)، وتأكيدها في صورة ترتيبات إدارية وتنظيمية تحكم الحياة على مستوى الجماعة على اختلاف تشكلاتها، وذلك كأساس يضمن تحقيق غايات الإنسان متمثلة في وحدة ثنائية " السعادة - الحضارة " والتأكيد على أن بناء هذا النموذج يفترض بناء ما أسماه بمثلث الإرادات:
إرادة سياسة عادلة







إرادة إرادة 
إدارية عادلة اجتماعية عادلة

هذا , وقد استندنا إلى مجموعة غير كبيرة من المراجع ولكنها تبدو من المراجع الأساسية التي تتعلق بالموضوعات الرئيسية التي ناقشناها, ولم يكن همّ الكاتب هو التوسع في محتويات هذه المراجع أو غيرها قدر ماكان الحرص على بناء منهجية متكاملة لبناء نظريته , مع التركيز على تحديد أية مقارنات أو مقاربات بين النماذج المختلفة ونموذجه، والإنتهاء إلى تكوين نظريته وبناء نموذجه وفق معطياتها، وقد حرصنا على القول أن ما قدم لا يعدو أن يكون مجرد كشف عن أساسيات المنهج العقيدي في بناء المعرفة العلمية وبناء النظرية التي نتحدث عنها , وقد كان القرآن الكريم المرجع الوحيد في ذلك.
و خلاصة القول , إن هذا النظرية تمثل نقلة نوعية مميزة في الفكر الاداري العربي بشكل خاص و في الفكر الاداري العالمي بشكل عام, حيث استطعنا بمعالجة منهجية عميقة , أن نكثــّف كل الفكر الاداري الذي عرفته الظاهرة الادارية في نماذج واضحة و محددة, وأن نحلل هذه النماذج , و نبرز مواطن عدم استطاعتها أن تكون نماذج عامة أو عالمية. كما استطعنا بطريقة منهجية وتحليلات الشمولية أن نبني النموذج الشامل والكامل ليكون بحق المنظّر المنهجي الأشمل, وعالم الادارة الذي يضع الفكر الإداري في إطاره الصحيح و في صورته العالمية . 

المراجع الرئيسية

 القرآن الكريم 
 الخولي, يمنى, فلسفة العلم في القرن العشرين ( سلسلة عالم المعرفة, عدد 264, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, 2000, الكويت) . 
 اوشي, ويليام, النموذج الياباني في الإدارة: نظرية Z, ترجمة: حسن ياسين ( معهد الإدارة العامة, الرياض ).
 بارتلت, كريستوفر أ. وجوشال سومنترا, الإدارة عبر الحدود: الحلول بين القطرية, ترجمة: سعاد الطنبولي, ( الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية, 1994, القاهرة ) . 
 برايبروك, ديفيد, القيم الأخلاقية في عالم المال والأعمال, مترجم: صلاح الدين الشريف (مكتبة الانجلو المصرية, 1986 القاهرة ) . 
 بروكو بينكو, جوزيف, إدارة الانتاجية: مرشد عملي مترجم: منظمة العمل العربية ( منظمة العمل العربية 1998 ) .
 بيترز, توم, ثورة في عالم الادارة, الجزء الاول, ترجمة: محمد الحديدي, ( الدار الدولية للنشر, 995, القاهرة ). 
 بيترمارتين, هانسون وشومان, هارالد, فخ العولمة, مترجم: عدنان عباس علي ( سلسلة عالم المعرفة, عدد 238, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, 1998, الكويت).
 بيرك, جيمس, عندما تغير العالم, مترجم: ليلى الجبالي ( سلسلة عالم المعرفة, عدد 185, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, 1994, الكويت ) . 
 بيرسون, كارل, أركان العلم, مترجم: فؤاد زكريا ( سلسلة تراث الإنسانية, الهيئة العامة للكتاب, 1994, القاهرة ) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق