اخر الأخبار

5‏/4‏/2014

بحث عن حرية الصحافة - موضوع شامل عن حرية الصحافة

بحث عن حرية الصحافة - موضوع شامل عن حرية الصحافة
بحث عن حرية الصحافة - موضوع شامل عن حرية الصحافة
بحث عن حرية الصحافة - موضوع شامل عن حرية الصحافة

قبل الحديث عن حرية الصحافة ، يجب في البداية نتكلم عن الحرية وعن تطورها في حياة الإنسان ، وعن هاجس الإنسان الاول وغريزته التي ولدت معه ، منذ بدء صارعه مع الوحوش والضواري ، وكان همه الوحيد هو البقاء على قيد الحياة والحفاظ على حياته ونوعه ، وكلما إزداد نضجاً ووعياً كلما نضج مفهومه للأمن والأسقرار . ونمو هذا الشعور عند الإنسان مع نشوء الأسرة وتكوين العشائر والقبائل حيث أتجه كل فرد تجاه أسرته أو جماعته للحفاظ على بعض الحدود التي سمحت به حالته البدائية للحفاظ على كيانه ، بل أصبح يبذل جهده وعمله وتفكيره ثمناً لمفاهيم الحياة : مثل الحرية والكرامة والعقيدة وغيرها من القيم الأخرى التي باتت تشكل جزءاً من كيانه الحقيقي . وأخذ يعيش الإنسان بمرور الزمن تحت ظل نظام يسود قانون موحد يضمن له حقه في الحياة والمساواة والحرية بكافة أشكالها وأنواعها .

الحرية هي نكهة الحياة وطعمها ، مبتدأها ومنتهاها ، أي أنها إنسجام الروح والنفس في الجسد ، كما الروح سرالوجود للإنسان ، هي إحدى أهم مفردات الفكر والحياة الإنسانية ، كما هي إحدى أخطر وأهم مشاكل الإنسان في حياته ، لذلك يجب ان يكون الإنسان حراً في داخل ذاته ، ويعد الحق في حرية الرأي والتعبيرعن ذاته وماهيته لأنها ركن أساسي في كافة الحقوق الممنوحة للإنسان في المواثيق والعهود الدولية . حيث تمتع الأشخاص بالحق في حرية التعبير عن الأفكار والأراء التي يريدونها ، ودون وجود أي تهديد يحد من حرية الحركة والتكلم ونقل المعلومات الصحيحة ، بحيث يتمكن المواطن من الحصول على مختلف المعلومات الذي يريده من المصادر المختلفة ، وخاصة المتعلقة بقضية معينة لاسيما حين يتعلق هذا الحق بمصير حياتهم وهندسة مستقبلهم . ولا ننسى ان مبادئ الحقوق وضعت في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تبدأ بكلمة ( حرية ) هي شرط انسانية الإنسان ، لكي يملك الإنسان الارادة والقدرة على الاختيار ، وحراً في مجتمعه من القيود التي يفرضها الطغاة والمستبدون عليه ، ويصنع مصيره بنفسه ، وحقه في التعبير عن رأيه وأفكاره وخدمة وطنه بحرية كاملة عبر الصحافة والاعلام والنشرات مباشرة .
اذن الحرية قوة ممارسة كل الحقوق والديمقراطية أداتهما معاً.. هناك ترابط وثيق ومحكم بين أرتقاء الأنسان وتطوره الثقافي والعلمي والحضاري وبين حجم حقوقه الأنسانية وأجواء الديمقراطية والحرية التي يتمتع بها . فالترابط فيما بينها جوهري ، وكل منها أصل في الصلة والعلاقة القائمة .. فلا إنسانية كريمة بدون الحرية ولاحرية بدون احترام حقوق الانسان .. ولا احترام لحقوق الانسان بدون الالتزام بنهج الديمقراطية !! إنها حلقة حياة كاملة ومتكاملة بفضلها تستقيم الحياة ، وتقوم انجازاتها وابداعاتها الحضارية في كل المجالات والميادين ، حقيقة الالتزام بقيم الحرية والمبادئ الديمقراطية والعمل على ممارستها وتجسيدها في الحياة المعيشية وبحيث يتمتع المواطن في ظل ذلك بكامل حقوقه الانسانية أياً كان رجلاً أو امرأة وحسب نظام قانوني دقيق يرتكز على سيادة وفعالية ، القاعدة العامة المجردة وحاكميتها بالنسبة لكل المواطنين وفي كل الحالات والظروف وكفالة وضمانة حق المشاركة السياسية والتمتع بممارسة الحريات وفي الصدارة منها حرية التعبير والتظاهر وإبداء الرأي بكافة الوسائل السلمية ...
حرية وأستقلال الصحافة كمبدأ إنساني وإجتماعي وفكري وسياسي ، من أهم الحقوق الأساسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية ، إنها لا يتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الإنساني وأجواء نظام ديمقراطي ملتزم في البلاد ، الى جانب حرية الصحفيين والمندوبين ، عليهم في نفس الوقت الاحساس بالمصالح العامة على رأي - سكوت - يقول ( الفكر الحر .. لكن الواقع مقدس ) ، كما على جميع وسائل الاعلام ولا سيما الصحافة ان تنقل الأحداث الى المجتمع بأمانة يجب أن يكون " دقيقاً وصادقاً " وكاملاً ونزيهاً " ويمكن أن يزود الخبر ببعض المعلومات والمفيدة تمس مصالح أكبر عدد من القراء وتشخيص الحقيقة ذات الأهمية الخاصة لدى القارئ ومن خلال معرفته بموضوع الخبر ، سواء كانت أخبار مهمة أوأعتيادية أو تروجية ، وعلى هذا الاساس يجب أن لا يلعب رأي الصحافي أو الاعلامي أي دور بتاتاً حسب وجهة نظره وميله السياسي والقومي والديني ، وإلا يفقد مصداقيته في نقل الحدث الى الرأي العام ، لذلك وضعت الادوات والوسائل في تحقيق حرية التعبير للصحافة والاعلام ضمن الدولة الديمقراطية والتعددية التي يرسمها الدستور ..
لا توجد حرية دون أطر أو المعايير لكي لا تستغل لأعراض مثل التهجم والنيل من خالف رأيه أو أستغلالها لتحقيق مصالح سياسية وشخصية ، المقصود هو نقل الخبر بجميع جوانبه ومن خلال معرفته بموضوع الخبر سواء أكان الخبر مع أو ضد نظرة الصحفي والاعلامي ، والابتعاد عن النبرات الطائفية أو العنصرية ، وان ذلك يشكل احتراما لحق رئيسي من حقوق الإنسان في الصحافة والإعلام لنقل الحقائق والمعلومات الكاملة والدقيقية إلى الرأي العام المحلي والعالمي ..
والصحيفة الناجحة هى التى تحقق أعلى المعدلات من عمليتى جذب الإنتباه من القراء وإثارة الاهتمام الأكبر ، الى جانب لأكبر عدد ممكن من الموضوعات المفيدة على صفحات الصحيفة ، وبالطبع فإن عملية جذب الانتباه هى عملية بصرية يحققها الإخراج الجيد للصفحات الذى يرتكز فى الأساس على العناصر الجرافيكية المنشورة على الصفحة ، ويأتى على رأسها الصورة الفوتوغرافية ، أما عملية إثارة الاهتمام فهى عملية ذهنية ، يحققها المضمون والتحرير الجيد ، وهى تلي فى الحدوث عملية جذب الانتباه ، وإن لم يحدث جذب إنتباه القارئ للموضوع الصحفى أولا، لن تحدث بالضرورة إثارة إهتمامه بالموضوع ، ومن ثم لن تُقرأ الحروف والكلمات تلك { المقدسة } التى خطها هؤلاء السادة المحررون!!
أضف الى ذلك أن الصحفي أو الإعلامي الحرفي يجب أن يبذل قصارى جهده لكي يكون مستقلاً عن الأشخاص والجهات التي يغطي أخبارها ، وتمكنه من أدواته المهنية يحتم عليه أن يقدم الحدث أو الخبر كاملاً ونزيهاً ، لأن حرية الصحافة تقوم على الموضوعية والنزاهة والحيادية خصوصاً في الوقت الراهن ، فإن الصحفي أو الإعلامي المحترف عليه أن يفرز ما يقع تحت يده من معلومات ثم يختار ما يرى أن له قيمة وما يمكن الوثوق به لكي يقدمه الى الجمهور المتلقي .

حريـة الصحافــــة ( الجزء الاول )
قبل البدء في الحديث عن حرية الصحافة ، ينبغي ان نعرف الصحافة ونفهمها بمفهومها القائم على أسس علمية ، وما هي دورها داخل المجتمع المدني والمؤسسات الإنسانية والحكومية ؟؟؟
ومدى تأثيرها الكبير في تغيير ومؤثرة المجتمع ؟؟؟ وكيفية أيصال الخبر الى قارئها بصورة صحيحة وسريعة . .
لان الصحافة تلعب دوراً رئيسياً فى تشكيل سياق التحول السياسى والاجتماعي والثقافي فى المجتمعات المختلفة ، وهى تعكس طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع ، وبين النظام والشعب . ولما لها من دور فاعل فى عملية الإصلاح والتحول الديمقراطى فى المجتمع وحجم الحريات وتعدد الآراء والاتجاهات داخل هذه الوسائل فضلاً عن العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية السابقة فى المجتمع ، وأنها أصبحت ركن أساسياً في جميع المحافل الدولية لدفاع عن حقوق الإنسان .
يجب أن تكون الصحافة قبل كل شيء دقيق الملاحظة بما يثير أهتمام الرأي العام ، وعدم أساءت أستخدامها في تملق كائن من يكون طمعاً للحصول على المكاسب المادية والمعنوية ، وقد تنقلب الى أداة تضليل وفساد ووسيلة للدعاية بيد الأقوياء لتحقيق مصالحهم وماءربهم الخاصة . كما معلوم بأن الصحافة قد أصبحت في عصرنا سيفا ذا حدين ، نتيجة لتقنيات العصر و تقدم العلوم ، فهناك إعلام غارق في التشاؤمية والظلامية حينما يخاطب الجمهور من خلال الصحافة والفضائيات ، و يدعو عن طريق المبالغات والتضليل والدعاية الكاذبة الى زرع الإحباط و اليأس في الأوساط الموجهة إليها وأصحاب الصحف الهدامة تعاني عقولهم ثنائية إشكالية بعيدة عن الحوارمع الآخر وغير منسجمة مع الواقع و التحاور مع الآخر كأسلوب حضاري متمدن وخصوصاً في الوقت الحاضر ، يحاول تلفيق الأخبار وترويج الإشاعات والبحث عن الفضائح دون مراعاة شعور المواطنيين ، وهناك مقدرة البعض ممن يتقنون التعامل مع الثورة المعلومات أن يقوم بجانب من ادوار المؤسسات الإخبارية والإعلامية من خلال الصحف ووكالات الأنباء دون إتقان أو روية أو عن قصد تخريبي .
أما الصحافة البناء تكون أعلامها أعلاماً راشدا تدعو الى الإصلاح والتطور والإنسانية لخلق المجتمع النظيف ، وتكون الصحافة الحقيقية مسلحا بالوعي وقدرتها على طرح القضايا التي تثير اهتمام المجتمعات وتبرز حاجاتها ومطلباتها . وبالأضافة الى شدة تأثيرها في المجتمعات وأقربها الى أذهان القراء ومشاعرهم ، ما يثير أهتمام الرأي العام ، وأيصال الخبر الى قارئها بصورة صحيحة وسريعة ومن خلال البساطة في التعبير والوفرة في الكلمات المستحدثة المألوفة وخلق رأي عام متوافق مع المصالح الوطنية عبر المعلومة الحقيقية ووقت إيصالها المبكر للجمهور والكشف الأقصى للمعلومة غير المقيد بمصلحة فرد أو الحزب أوالمجموعة أو الكتلة بقدر تعلقها بمصلحة الوطن والشعب وحقهم المؤكد فيها ، ان شأن الصحافة كشأن الجندي الشاهر لسلاحه في ساحة الوغى ، كما يقول توفيق وهبي في كتابه { دروب السياسية } ، فهو لا يهدم بهندامه واتقان لباسه بقدر انصباب تفكيره دوماً على الكفاح والنضال . أن المثقفين عامة والصحفيين خاصة هم الوجه المشرق للدولة المدنية المتحضرة ، ويكن الصحفيون هم القطب المحرك في جميع التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع .
من هذا المنطلق يجب تعريف الصحافة رغم العديد من التعاريف التي عرفتها كل حسب وقته وزمنه وهذه التعاريف تتطورت في مفهومها مع تطور الزمن ، لذلك يصعب على الباحث وضع التعريف جامح بشكل واضح للصحافة . وبعبارة أخرى نستطيع القول بان الصحافة والاعلام هي بمثابة عين الشعب على الحاكم وهي أيضاً خير أداة لتنوير عقل الإنسان . بأعتبار ان الصحافة والاعلام هي { السلطة الرابعة } في الدول الديمقراطية أي سلطة الرأي العام بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، الذين يمتلكون صلاحية مراقبة أعمال السلطات الثلاث ، لأكبر دليل على عظم مكانتها وعمق نفوذها بين الناس ، حتى غدت اليوم حاجة ملحة لدى كل فرد يقبل عليها كما يقبل على الغذاء والدواء ! وتعتبرغذاءاً ضرورياً للعقل ، ولهم دوراً كبيراً في الميدان السياسي والأجتماعي والأقتصادي والأدبي والعلمي .

الملكية العامة والملكية الخاصة لوسائل الاعلام وتأثيرتها على حرية الصحافة

يختلف المثقفون بعضهم عن بعض في طبيعة علاقتهم بشعوبهم أو أصحاب السلطة الحكومية وغير الحكومية . والصفات المذكورة أعلاه لها بالغ الأهمية في تحديد طبيعة علاقة المثقفين بهم . ثمة مثقفون حريصون على التمتع بقدر كبير من الاستقلال الفكري وعلى تحقيق قدر أكبر من الموضوعية ( ولا يوجد استقلال فكري وموضوعية كاملان ، إنهما نسبيان ) ، وحرصهم هذا لا يعني بالضرورة تحقيق القدر من الاستقلال والموضوعية اللذين يحرصون تحقيقهما ، إن لديهم إيمانا بأهمية حرية التعبير عن الرأي وهم ليسوا على استعداد لأن يهجروا مُثُلهم العليا ، مُثُل المؤمن بمبادئه والمضحي من أجلها . وفي مواقفهم وسلوكهم يؤدي الالتزام بقضايا الأمة والشعب ومصلحة المجموع دورا أكبر . وتتسم هولاء المثقفين بياناتهم الشفوية والمكتوبة بميل أكبر الى انتقاد الظلم والقمع والقهر في مختلف الميادين . ويبقى هؤلاء مؤمنين بالحرية الفكرية رغم ما يتعرضون له من القمع والقهر والحرمان والمطاردة . إنهم لا يطأطئون وجوههم تهالكا على مال أو طمعا بسلطان أو بجاه . لا يحرفهم المال أو الجاه عن نشر نقدهم للقمع والقهر وسخطهم على الفاسدين واستنكارهم للهوان القومي بسبب المواقف المستكينة التي قد يتخذها الممسكون بزمام السلطة الحكومية . لا ينصاعون لأوامر الحاكم المغري بالذهب لأنهم ينفرون من لمعانه الذي يعمي عن قول الحقيقة ، ويريد هؤلاء أن يقولوا ما يعتقدون بأنه الحقيقة ، ولأن نفوسهم أكثر شموخا من أن يسمحوا للمال بأن يقتحم جدران معابدهم المقدسة .
هناك نوعان من الملكية لوسائل الإعلام ، الملكية العامة أي ملكية الدولة أو القطاع العام ، وملكية الخاصة أو الملكية المستقلة ، وتتأثر الوسيلة الإعلامية بنوع الملكية ، حيث تبقى هذه الوسيلة الإعلامية والقائمين بالاتصال فيها حاملين لإيديولوجية وصورة من يسيطر على الإعلام . وتتأثر القيم الإخبارية لوسائل الإعلام العمومية بالسلطة السياسية لأنها هي الممول الرئيس وصاحب الملكية التامة ، كما أن إشهار المؤسسات والمسؤولين الدولة يتوجه إلى الإعلام المساند للسلطة حسب أعتقادهم تعبر عن إرادة شعوبهم ، إلا أن وسائل الإعلام الخاضعة لإشراف حكومي مباشرة أثبتت في كثير من الأحيان قصورها عن تقديم الخدمات الصحيحة للمواطنين ، لأن المواطن بحاجة من القدر الكافي من المعلومات والتنوع المطلوب في مصادر الإعلام الحكومي .
أما وسائل الإعلام المستقلة فتتأثر أيضا بمن يسيطر عليها سواء المالك أو صاحب المؤسسة أو التمويل والإشهار ، حيث تصبح اعتبارات السوق هي الأولى في الإنتاج الإعلامي ، وكان لذلك أثره أيضاً في الأخبار ، أن الصحفيين ليس لهم إلا حق واحد هو إنجاز إنتاج يوافق رغبات الممولين ، لقد أثبتت الأحداث دوما أن وسائل الإعلام تتعرض يوميا لقوى يمكن أن تخلط المعلومة وتشوشها سواء عن طريق شركاء هذه الوسيلة أو القائمين بالإعلانات فيها أو حتى أمرائها .
كما يقوم إعلام المستقلة على مقومين أساسيين هما: الدافع التجاري ، والاختيار الذاتي . وهما المقومان اللذان يريدهما صاحب الملكية أو الممول فالدافع التجاري يتمثل في الربح المنتظر من المادة الإعلامية المقدمة ، والاختيار الذاتي يتمثل فيما يتفق مع مصالح المالكين والممولين وإيديولوجيتهم ، وبذلك فإن الاتجاه المتزايد نحو المواد الإعلامية الحافلة بالإثارة والمشحونة بالدراما حتى في المواد الإخبارية إنما هو استجابة طبيعية لمتطلبات السوق التجارية . تقول الدكتور جيهان رشتي : إن الأخبار هي مجرد سلعة تجارية تعرض للبيع ، وهذه السلعة يسهل ترويجها أو تسويقها كلما كانت غير مألوفة أو تتسم بطابع درامي وعلى هذا الأساس كثيراً ما تضخم الأحداث أضعافاً مضاعفة ليس فقط لجذب القراء والمستمعين وإرضاء توقعاتهم أو لخدمة أغراض سياسية ، بل أيضاً لخدمة أهداف تجارية . فهذا التضخيم سيزيد من مبيعات الصحف ويزيد جمهور الراديو والتلفزيون .
لقد أصبح التحكم المالي في السياسات الإعلامية يؤثر في قيمها الإخبارية ويحد من حرية التعبير باستعمال سلطة المال كوسيلة لكبح حرية الإعلام ، وبما أن الإشهار هو المصدر الأساسي لعائدات الصحف ووسائل الإعلام فإنه من غير المنطقي أن تقامر أي وسيلة إعلامية على هذا المصدر سواء كان من السلطة العمومية أو من الخواص أنفسهم أو الممولين ، ويرى الأستاذ الطاهر بن خلف الله في هذه الحالة من سيطرة المال على الوسيلة الإعلامية بأنها ستكون – وسائل الإعلام - متأثرا ( تابعة ) وليس مؤثرا ( مستقلة ) . وفي المقابل يرى البعض ان الملكية الخاصة لوسائل الإعلام لا تمنع في كل الأحوال من التعبير عن مشاكل الشعب والوطن ، وإبراز الأختلافات الحقيقة الموجودة في المجتمع إطار الألتزام بالروح الوطنية . فضلاً عن ذلك توجد في معظم دول العالم مؤسسات وإعلام خاصة غير حكومية والمملوكة للهيئات والمنظمات المدنية ، وهناك بعض الصحف العائدة أو التابعة للأحزاب السياسية وتديرها من قبل أحزابهم وتخضع لإشرافهم .
إذن أصبح الخطر على وسائل الإعلام لا يتوقف على السلطة السياسية فحسب وإنما هناك عوامل أخرى تتمثل في ظاهرة تصنيع الإعلام والتأثير المتزايد للمنطق الاقتصادي من خلال الملكية وسيطرة الإشهار ، حيث تحولت الحرية السياسية وحق الإعلام للمواطن إلى الحرية الاقتصادية للمتعهد أو الممول والمشهر .. وهذه العوامل الاقتصادية ذات تأثير بالغ على القيم الإخبارية للمؤسسات الإعلامية .

ضمانات حرية الصحافة والاعلام (الجزء الثالث)

أن الحرية حق طبيعي ومبدأ رئيسي لكل الشعوب والأفراد دون تفرقة ، في ظل دولة القانون والدستور والمؤسسات ، وبتطبيق الآليات الديموقراطية السليمة ، التي تكفل لكل مواطن حقه الطبيعي في المساواة والعدل الاجتماعي ، والتعبير عن رأيه بكل الطرق المشروعة ، والمشاركة في صنع القرارات وتشكيل السياسات والمنظمات الإنسانية ، وانتخاب القيادات دون ضغط أو إكراه في ظل وطن حر مستقل يمارس سيادته الكاملة على أرضه . وتحتل قضية حرية الرأي والتعبير مكانة بارزة كأحد أهم حقوق الإنسان وذلك منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 م .
إذن حرية واستقلال الإعلام ولا سيما الصحافة من أهم الحقوق السياسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية ، فلا معنى للتعددية دون حرية ، ولا فائدة من هذه التعددية إذا لم تتوفر لهم الحرية والأستقلال الصحفي والإعلامي . ومن حق وسائل الإعلام وفي مقدمتها الصحافة بكل أنتماءاتها القومية والدينية والطائفية ممارسة أعمالها في الحرية الكاملة ضمن أطار القانون العادل والنزيه والعدالة الأجتماعية وحقها حرية التعبير ليشمل حق حرية البشر والعمل في وسائل الاتصال ، دون قيود أو ضغوط أو عقبات او اعتبارات إلا قيود الضمير المهني والإنساني .
أن الحرية بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام والرأي والتعبير بشكل خاص ( لأنهم جنود الحرية ، دعاة الديمقراطية ، حماة التقدم ، وطلايع الإصلاح الوطني والقومي الحقيقي ، والدفاع المبدئي عن حق الشعوب في الحرية والأستقلال ) ، لا تنبت وتزدهر إلا في بيئة مجتمعية حاضنة تعتمد ثقافة العدل والمساواة في ضمن الدستور وتحترم حقوق الإنسان وتحترم أرائه السياسية والاجتماعية ( القومية – الدينية ) ، والثقافية الفكرية وهذه لا يتحقق إلا في ظل أمن وسلام واستقرار شامل وعادل ودائم من ناحية واستعادة قيم العدل ومفاهيم السلام وقواعد القانون الدولي من ناحية أخرى ، وأصول التعايش وحماية المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة ، بين الدول والشعوب والثقافات والحضارات ، دون تحريض أو كراهية أو تعصب ، من ناحية ثالثة .
الأمر الذي يستدعي إجراء إصلاحات شاملة وجذرية - دون تباطؤ أو تأجيل - في غالبية الدول ومنها الدول العربية ، تنسجم مع أفكار وآراء ومقترحات الشعب ، وتعبر عن أهدافه وطموحاته الشخصية والوطنية . ومن أجل تحقيق المبادئ العامة والأهداف الإنسانية والعدالة الاجتماعية لمكونات الشعب من ضمن الإطار الإنساني والوطني . لمواكبت المجتمع العالمي الذي يسود فيه الحرية والديمقراطية والثقافة والعلم ، وتطوير الصحافة والإعلام من خلال التكنولوجيا الحديثة . وإطلاق الحريات العامة في كافة المجلات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وبشكل خاص حرية الصحافة بكل أشكالها وصورها وحفاظ على ضماناتهم في إطار القانون الحقيقي ، بأن الحرية المطلقة يقود حتماً الى الفوضى المطلقة .
وإطلاق حرية إصدار الصحف والشبكات الإذاعة والتليفزيون ، وتحرير وسائل الإعلام من الهيمنة الحكومية ( في ظل السيطرة الحكومية يتراجع النقد وتتحول أخبار ألأقتصادية والثقافية والأجتماعية الى دعامة سياسية للحكومة وقياداتها وأحزابها الحاكمة ) ، وتطهيرها من القيود الظالمة والمجحفة المفروضة على الصحافة والإعلام ، وحماية حياة الصحفيين والمندوبين والمراسلين أثناء أداء عملهم ، وضمان أستقلالية عملهم الصحفي والإعلامي . لكي تستطيع انقاذ الصحافة من السيطرة الحكومية أو بأحرى تنتقل من أجهزة دعائية رسمية ، إلى قوة تغيير وطاقة تنوير، تقود المجتمعات وتوجهها في طريق التقدم والتطور والارتقاء الحضاري .
ويمكن ان نجمل ضمان الصحافة والإعلام من خلال حقوق الصحفي والإعلامي في مجال الأتصال في عدة النواحي ومنها الأقتصادية التي تتعلق بظمان معيشي لائق به وتنظيم حقوقه المالي أولاً ، وثانياً الأمنية لمنع عنه الظلم والغبن من قبل الأجهزة الأمنية وحمايته من التعرض للإذاء البدني كالسجن والأعتقال والتعذيب وغير ذلك وكذلك حمايته من صاحب العمل ( في حالة الصحف الخاصة ) ومن أضطهاد رئيس التحرير أو رؤساته المباشرين ، ومن ناحية ثالثة ضمانات تتعلق بممارسة المهنة والوظيفة : توفير الإمكانيات للصحفي والإعلامي للوصول الى المعلومات والأطلاع على الوثائق الرسمية وغير الرسمية دون التحجج لمنعهم من ذلك ، وأعطائه الحصانة الملائمة للحماية من كافة الضغوط الداخلية والخارجية لإجباره على عمل غير صحيح أومحرف ما لا يتفق مع ضميره ، وحمايته من المخاطر أو الأضرار التي قد يتعرض لها أثناء ممارسة مهنته بما يتلائم مع الطبيعة الخاصة لمهنة الإعلاميين أو الصحفيين أو المندوبيين والمراساليين وتوفر أفضل الظروف لهم من اجب ممارسة مهنتهم المقدسة .
فهناك التزمات خاصة تتعلق بالصحافة والإعلام بمستوى مهني وأخلاقي بأن تكون كتاباتها عن الدولة ومأسساتها وهيئاتها دقيقة وعادلة ، وعدم نشر المعلومات المناهضة للمصلحة الوطنية أو نشر بعض الأخبار الزائفة أو المغرضة للدولة ، وعليه الحفاظ على أسرار المهنة والألتزام بعدم التصريح بالأطلاع على معلومات معينة من اجل منفعة مادية . بالأضافة الى الحفاظ على القيم الثقافية المقبولة في المجتمع وعدم اعطاء المجال لوسائل التحريض على أي عمل غير قانوني ضد أي طرف من الأطراف وعدم الحث على الكراهية القومية أو العرقية التي تشكل تحرضاً على العنف ، لذا يجب ان تتمتع الصحافة والإعلام بالنزاهة وتبتعد عن كل يسئ الى مهنتها من اجل تحقيق مصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة للمجتمع .

واجبات الصحفي والتزاماته ( الجزء الرابع )

من واجبات الصحفي ( أوالإعلامي ) وهي البحث عن الحقيقة وتحرى الدقة ، وأهم من واجباته تحمل مسئولية الرسالة الإعلامية الصادقة ، والالتزام بأمانة المهمة وشرف المهنة ، على أسس ميثاق الشرف الصحفي الوطني والعالمي والأقليمي ، وتحكيم الضمير المهني وأخلاقيات العمل الصحفي وتقاليده واحترام القانون العادل وأحكام القضاء النزيه ، ورفض المزايدة والابتزاز والإثارة المتعمدة , وعدم المتاجرة وعن طريق مهنته في الخلط بين الإعلان والإعلام , والتدليس على الرأي العام ، والابتعاد عن إثارة الفتن والنعرات العرقية والدينية والطائفية ، والالتزام بمكافحة الفساد والاستبداد والإرهاب .
فسر المهنة يظل قائما في ضمير الصحفي الملتزم بتنفيذ القوانين ومواثيق الشرف المهنية ، ولا يخضع للضغط والإكراه والابتزاز طلبا لإفشاء أسرار عمله أو الكشف عن مصادر معلوماته ، الأمر الذي يستدعى توفير الضمانات القانونية والنقابية من ناحية ، وترقية الأداء الصحفي والمستوى المهني والثقافي من ناحية أخرى ، وهو ما يجب أن يكرس كل الجهود لتحقيقه في كل الاوقات وبمختلف الأساليب . لأن أعظم ما تملكه الوسيلة الإعلامية وخصوصاً الصحفية هو أمانتها ودقة حكمها على ما يتوفر من معلومات لديها دون تحيز لشخصية أو جهة بعينها . يترتب على الصحفي او الاعلامي ( المندوب أو المحرر ) من واجبات ، لذلك ينبغي ان يتمتع به من كفاءات وموهبة ويكون واسع الثقافة على جانب كبير من اللباقة والذكاء ، ويكون على وعي تام ويتصف بالنزاهة لكسب عدد القراء ، هذا فضلاً عن تحليه بعقيدة راسخة وقلم بليغ يفرض عليه مخاطبة الجمهور كل يوم بأسلوب جديد وسهل ومشوق ويعبرعن القضية تهم الرأي العام .
لقد اصبحت الصحافة أداة مهمة في تكوين الرأي العام وفي بلورة مواقفه الراسخة . فالصحفي يحتاج الى فنون أخرى وان يكون له خبرة كافية في تعامله مع الناس والأشياء ومع الحوادث الواقعية ومراعات اذواق الهيئات المختلفة ، وعدم استغلال الحرية الممنوحة للصحفي أو الاعلامي كي يفرغ سموم حقده في جسد هذا الطرف أو ذاك والاعتداء على الاخرين تحت ذريعة الحرية وايتخدامها كمظلة في التشهير والكذب والتلفيق ، وإلا تعد تصرفاته من علامات الضعف والفشل ويكون بذلك مفتقراً الى الحد الأدنى من الثقافة وعدم أحترام مشاعرالأخرين . فالصحفي او الإعلامي المحترف عليه أن يفرز كل ما يقع تحت يده من معلومات ومن ثم يختار ما يراها بتنها ذات قيمة كبيرة ويمكن الوثوق به لكي يقدمه إلى جمهوره تعميماً للفائدة .. فنقل الخبر بجميع جوانبه سواء أكان الخبر مع أو ضد نظرة الصحفي أو الاعلامي ، فالقدرة على تشخيص الأحداث ومعرفة أهمية التطورات الجارية في مكان الحادث لها أهميتها وتأثيرها الاعلامي ومصداقيتها في نفوس الناس .
فاحترام الخصوصية يعد مبدأ رئيسياً في الممارسة الصحفية والإعلامية لذا نؤكد من خلالها على ضرورة احترام الصحفي للحياة الشخصية والحرص اللازم في الحفاظ على ضمانات الخصوصية لكل مواطن وعدم التورط في نشر ما يكشفها من دون إرادة صاحبها وإذنه المسبق لنشرها ، ولا يحول ذلك دون ممارسة حرية الرأي والنشر بشفافية كاملة فيما يتعلق بالقضايا العام وعدم إغفال نشر بعض الأخبار أو المعلومات أو الآراء ، والمطلب الأساسي عند هذا المنحنى هو أن يكون على وعي تام بآرائه الخاصة حتى يمكنه مراقبة انعكاساته على ما يقدمه من منتج إعلامي للمتلقي وهو الجمهور.. وأشد مصاعب تحمل الأمانة هو “ الموضوعية “ التي هي ابعد ما تكون عن الإثارة والخضوع لرأى محدد.. والموضوعية هي أسلوب أو كيفية تناول الصحفي او الإعلامي الحرفي للمادة التي تحت يده دون تحيز لشخصية أو جهة بعينها.. ونزيد على ذلك أن الموضوعية تَتحول مع مرور الأيام الى تصرفات وسلوك تحكم حركة الإعلامي الحرفي داخل مجتمعه بمستوييه : الضيق المحصور في مجال عمله والواسع الممتد على اتساع معاملاته الخاصة والعامة..
نستطيع ان نقول الاستقصاء الصحفي او الإعلامي فهو واجب مهني وتقني مطلوب من كل الإعلاميين والصحفيين الذين يريدون أن تكون رسالتهم الإعلامية مشتملة على الحد الأدنى من المصداقية ، وبعيدة بقدر الإمكان عن السطحية ، أو تبسيط الحدث بحيث يؤخذ كما هو دون البحث والاستقصاء عن الجذور والأبعاد والمسببات ، ولا يمكن أن تكون له من نتائج وآثار على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، إذن هو واجب أساسي لا فضل للإعلامي فيه ، وهنا تقتضي الضرورة دراسة الحدث أو القضية الطاغية على الإعلام من زاوية المحيط التي نبتت فيه هذه القضية أو تلك من خلال الثقافة أو الفكر أو الإيديولوجيا السائدة في ذلك المحيط .

مفهوم حرية الصحافة في العالم الغربي (الجزء الخامس)
حرية الصحافة وحقوق الانسان
إن دور الإعلام أساسي في توعية المجتمعات وتقوية البناء الديمقراطي والمجتمع المدني وتعزيز الحوار بين الثقافات عبر توفير فضاءات ، ذات مصداقية لممارسة الاختلاف ومقارعة الحجة بالحجة وإغناء النقاش السياسي بشكل جدي ومسؤول وتطوير حرية الفكر والعقل النقدي من خلال القنوات الفضائية والإذاعية او الصحافة الورقية والالكترونية ، الدور الحقيقي لمؤسسات ووسائل الاعلام في تقديم الخدمة العامة للشعب والوطن ، والعمل على تحقيق مصالح الناس وتكشف عن مظلوميتهم واحتياجاتهم .
وتعد الصحافة من الأدوات الفاعلة والرئيسية فى تدعيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية فى دول العالم سواء من خلال مطالبها من الانظمة الاستبدادية من الحرية والديمقراطية المزدهرة أو من خلال إبرازها للسلبيات وجوانب الضعف للأنظمة الدكتاتورية ، ومن واجبها ترفع الوعى والإدراك لدى الجماهير وتشجيعهم وتحريضهم للمطالبة بحقوقها المشروعة والإنجازات الحقيقة والوطنية ، للحصول الشعب بجميع مكوناته على حقوقه الكاملة من خلال الممارسات الديمقراطية داخل الهيئات والمؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية ، فضلاً أن وسائل الاتصال الحديثة ومن بينها الفضائيات والإنترنت والتلفونات الخلوية تعظم من سلطة الصحافة وتضعف من مستوى سيطرة الحكومة على مصادر المعرفة والمعلومات .
فمفهوم حرية الصحافة يتجاوز كل الإطر الضيقة التي يتم حصرها في اكثر الأحيان لأن ممارسة هذه الحرية لا يمكن أن تتم بشكل جدي إلا إذا توفرت جميع الشروط لتحقيقها منها ضمانات حرية التعبير، واحترام للتعددية السياسية والثقافية والإيديولوجية ، وفسح المجال في الحصول على المعلومات والمعطيات التي تهم المواطن حول سير الشأن العام والحق في الوصول إلى وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمقرؤة ، وتوفير الخدمة العمومية في هذه المرافق ، ومحاربة احتكار الصحافة والإعلام من الضعفاء النفوس والأقلام المأجورة والصحفيين المتملقين الى الأنظمة الدكتاتورية لتحقيق مكاسب غير الشرعية لاشباع الذات والتي تترك أثاراً سلبيا داخل المجتمع وتعرقل عملية التطوير والتقدم .
حرية الصحافة في العالم الغربي
فيما يتعلق بحرية وسائل الاعلام ( منها الصحافة ) في العالم الغربي ومقارنتها مع حرية وسائل الاعلام في البلدان العربية . إذا أردنا الحديث عن الصحافة الحرة أو الخاصة في الدول النامية ومن ضمنها البلاد العربية فنجدها تقف أمامها عقبات عدة وبالاخص إذا كانت مردود تلك الصحف ضئيلة جدًا لا يكاد يغطي تكلفتها الباهضة بسبب عزوف القارئ في هكذا البلدان عن شراء تلك الصحف وإكتفائه بما تبثه القنوات الفضائية ، وإذا إستطاعت بعض الصحف تجاوزها للحاجز المالي ، فإنها تجد نفسها في عراك مع النظام التي تضع أمامها كمـًا هائلا من العقبات والشروط ، لإسكات صوتها أو تحويل ولائها إليها ..
هناك عامل آخر يقف حاجزًا أمام أداء الصحف في الدول النامية وبشكل خاص الصحف العربية هو إنسلاخ الكثير من هذه الصحف عن مهامها الحضارية إلى لعبها أدواراً تافهة أو الإنشغال بالقصص الهابطة والأخبار الفاضحة والملفقة ومواد غير رصينة التي لا تزيد إلا الوضع مزيداُ من التردي والسوء .. وبالرغم من كل تلك العقبات فإن بعضاً من الصحف في البلدان النامية إستطاعت الصمود في وجه حكوماتها وتجاوزها متبنية مواقف مشرفة في قضايا داخلية وإقليمية وحقوق الإنسان والحريات العامة التي لا يزال يناضل من أجلها المواطن .
ففي رأي كثير من الإعلاميين في الدول النامية ومنها الإعلاميين العرب ما زال يواصل الإعلام دولهم رزحه تحت وطأة التضييق على الحريات والاستبداد كنتيجة طبيعية لاستمرار غياب الحرية والديمقراطية ، عصر الموجة الاحتكارية التي سمحت لاستقطاب المال والسلطة في تلك الدول بالاستحواذ على الصحافة ووسائل الإعلام .
في الحقيقية لا توجد اي حرية للصحافة في العالم أجمع بصورة صحيحة . ومنها في البلاد الأوروبية ، لأن هناك أحزاب وأصحاب شريكات كبرى ( أصاحب المصانع والمعامل ) ، فكل هذه الأحزاب والشريكات القوية ، تدعم الفضائيات اوالجرائد التابعة لهم مادياً ومعنوياً أي ( تدفع مبالغ لجرائدها ) ، وكل حزب أو شريكة خلفهما عدد فضائيات او جرائد تؤيدهما ، كما هو الحال في أمريكا التي فيها الحزبين الجمهوري والحزب الديمقراطي وفيها رجال المال والاعمال الذين يملكون الصحف الأمريكية ، فكلها صحف مغرضة وكلها تأخذ أجرها على ألا تكون لها حرية ..
رغم ذلك تلزم الدوائر الحكومية في أوربا وامريكا بتقديم المعلومات للصحفيين . وتتولى الدائرة المختصة للصحافة التابعة للحكومة مهمة الوسيط بين الحكومة والرأي العام ، كما تعمل كمنسق للشؤون الصحفية والعلاقات العامة لتلك الدائرة ، لتزويد الصحافة والرأي العام بمعلومات حول سياسة الحكومة الاتحادية . والناطق الرسمي هو الذي يذهب إلى الصحافة وليس العكس ، وهو الأمر الذي يبرز استقلالية الصحافة عن الدوائر الحكومية في تلك الدول . عكس ما تقوم بيها الدوائر الحكومية في الدول النامية .
ملكية الدولة للإعلام مثل التلفزيون والراديو وبعض الصحف ، ونرى ذلك في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والدول الاسكندنافية وغيرها من الدول الغربية يمكن أن يكون مصدراً لمعرفة العالم ... وأن يقدم بتحقيق أهداف إيجابية تتمثل في حشد الجماهير وتعبئتها من أجل إنجاز المهام الاقتصادية أو الوطنية او الاجتماعية ، وأما غالبية الدول النامية ومنها الدول العربية التي تمتلك من الصحف والإعلام اي تعود ملكيتها إلى الدولة ولكنها تستخدم وسيلة للتضليل لمصالحهم الخاصة وتصبح أداة بيد النظام ، وأستغلالها لنشر أفكار كاذبة وغير حقيقية ومعادية للإنسانية وتقف ضد تطور المجتمع بحجج الواهية .
فحرية وسائل الاعلام وفي مقدمتها الصحافة ، تتيح الفرص للمبدعين كي يبدعوا وللمفكرين التواصل مع المتلقين ، لذلك نجد إقبالا متزايدا على متابعة القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث والتي تجتذب كوادر إعلامية ناجحة وتحقق نسبة عالية من المتابعين ، وكذلك الحال مع الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ولها نسبة كثيرة من القراء ، وهنا يجب التشديد على أن تكون الصحافة حرا ًومهنياً وتعددياً ، لأن تفعيلها كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الأحتكار والفساد في البلاد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة من قبل المسؤولين خصوصاً في دول العالم الثالث التي يكون احترام حقوق المواطنة الأساسية معدوماً ومنتهكاً في أغلب الاحيان .
القانون الأساسي يضمن في المادة الاساسية في الامم المتحدة حرية التعبير عن الرأي ، وحرية الصحافة ، وحق الحصول على المعلومات من المصادر المتاحة للجميع. ولا وجود للرقابة حيث أن حرية الرأي وحرية الحصول على المعلومات وحرية الصحافة مقيدة بلوائح القوانين العامة والقواعد القانونية الخاصة بحماية المجتمع وقانون احترام كرامة الإنسان ..

دور الصحافة في الوطن العربي ( الجزء السادس )

حرية واستقلال الصحافة او الاعلام لايتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الانساني واجواء نظام ديمقراطي ملتزم . وهنا يجب التشديد على أهمية أن تكون الصحافة والإعلام حراً ، ومهنياً ، وتعددياً ، لأن تفعيلهم كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الفساد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة ، وبالاضافة الى ذلك تلعب الصحافة والإعلام دوراً حاسماً في العملية السياسية الديمقراطية كوسيط بين المجتمع ومؤسسات الدولة ، تقوم على دعم الديمقراطية كونها المنظومة الأفضل لإنعاش وتنمية المجتمعات العربية التي يُفتقد فيها غالبا احترام حقوق المواطنة الأساسية . والجدير بذكره في هذا السياق هو أنه تم تكريس احترام استقلال وسائل الإعلام المختلفة ، والاعتراف بالحق الأساسي في ممارسة حرية الصحافة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
لإن حرية الصحافة والإعلام تتيح الفرص للمبدعين للإبداع وتتيح للمفكرين التواصل مع المتلقين ، ولذلك نجد إقبالا متزايدا على القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث ، وتجتذب كوادر إعلامية ناجحة ، وتحقق نسبة مشاهدة عالية ، وكذلك الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ، ولها نسبة قراءة كثيرة ، وتجني أرباحا طائلة لهما .
في معظم البلدان العربية ، يقمعون او يمنعون حرية التعبير والآراء في داخل وسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الصحافة مع أستمرار المماراسات الغير الإنسانية وغير القانونية بحقهم ، واكثر الصحفيين والاعلاميين يواجهون موجات العنف والملاحقة المستمرة من قبل الأنظمة السلطوية الحاكمة أثناء تأديتهم لعملهم بصورة شفافة ومنعهم من تغطية الأحداث وتسليط الضوء عليها أو الحصول على المعلومة الخبرية من مصادرها وبشكل خاص في دوائر ومؤسسات الدولة ، ومنعهم أيضاً من تشخيص الظواهر السلبية في مجتمعاتهم ، كما وان قوانين سرية المعلومات والرقابة الشديدة عليهم تعمل على اغتيال حقهم في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها ..
وتمارِس هذه البلدان الاستبداد والطغيان ضد من يعارضهم وتستخدم سياسية الترهيب وتكميم أفواهم من خلال متابعة تحركات الصحفيين واالإعلاميين ، كما تتعرض الصحفيون والإعلاميون الى الاعتقال والتهديد والمضاياقات وحتى عمليات الخطف والتصفية الجسدية بحقهم . بسبب انعدام الحرية في البلدان العربية. وضعف بنى اجتماعية وسياسية وثقافية في الدولة ، وغياب الحوار الحر والديمقراطية ، يحظر توجيه النقد إلى الممسكين بمقاليد السلطة الحكومية . حيث تمارس هذه الأنظمة في ممارسة الضغط والكبت والقمع على الصحافة والاعلام ليمنع نشر الفكر حول حرية وديمقراطية البلاد والإرادة والتغيير وبأخص عدم نشر الموضوع حول التعددية الفكرية وديمقراطية الحكم ، لأنهم يشعرون بأن الحرية والديمقراطية والتعددية قد ينال من مصالحهم كما يتصورونها ، وإلى فقد لسلطتهم . ..
في بعض الاحيان تسمح بعض الأنظمة العربية حيزا معينا لممارسة حرية الإعراب عن الفكر لمصالحهم دون خوف من نتائج ذلك الإعراب . لان لديها ثمة مثقفون مأجورون ومفتقرون إلى قدر كبير من النزاهة والحياد والموضوعية ، لقد خضعوا أو أخضعوا فطوعوا أنفسهم وسخروا أقلامهم ومعرفتهم وفكرهم للارتزاق ولخدمة ذوي السلطة في نظام اقتصادي أو طبقي أو إقطاعي بدون مراعاة للمثل العليا وللمصالح العامة ، وهؤلاء يمارسون ممارسات سياسية معينة لا تتفق مع رؤى وتطلعات شعوبهم . ويحاولون أحتكار الصحافة والإعلام لأغراض مصالحهم ومصالح ذوي النفوس ، وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة خاضعة للتوجيهات من طرف هذه الأقلام المأجورة والنفوس الضعيفة التي تفتقر الى الحيادية والنزاهة ..
ومن نافلة القول إنه يوجد في البلدان العربية صحفيون واعلاميون يتوفر لديهم قدر أكبر من النزاهة والصراحة والجدية والصدق في التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم وتتسم بياناتهم بالشجاعة والإخلاص للشعب والوطن ، تسخير أقلامهم ونفوسهم خدمة لقضايا عادلة وعدم السكوت عن القمع والاضطهاد بمختلف تجلياتهما . لكن تصدر أوامر من قبل الانظمة الدكاتورية للمشرفين والمحررين والمخرجين والمقدمين في وسائل الإعلام من رجالهم بالتعتيم على هؤلاء الصحفيين او اعلامين وعلى كتاباتهم .
وقد تبذل متولون لسلطات حكومية محاولات لتصرف هؤلاء الصحفيين او الإعلامين عن تبليغ رسالتهم وعن إشاعة موقفهم ، وتحاول بقدر الإمكان لتحولهم صوتا في جوقتها التي تعزف على إيقاع أصحاب تلك السلطات ، ويقوم رئيس التحرير التابعة للنظام ومساعدوه بالرقابة على المثقفين الذين يدافعون عن الشعب والوطن بصورة صادقة ومخلصة ( للأسف نجد ان بعض رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف يخلطون بين العمل الكتابي وعمل الرقابة ) ، بالإضافة الى قيامهم بالرقابة على المحررين وبتوجيههم الوجهة التي ترضي أصحاب السلطة الحكومية يقومون بتقديم التقارير عن آرائهم ومواقفهم " الفكري والثقافي والسياسي " الى أجهزة الأمن .
وعلى هذا النحو تصبح تلك الصحف والمجلات خادمة للرؤى والمصالح والأغراض السياسية والإقتصادية ، وتكون أيضا منابر لخدمة وفرض موقف الحكومة التي لا يكون عملها بالضرورة بتوجيه ووحي المصالح الوطنية والمعيشية لشعوبها ( وتشير دراسات اجتماعية وسلوكية وسياسية وحقائق تاريخية ومعاصرة الى إيلاء كثير من أصحاب السلطات الحكومية لاهتمامهم الأول لمصالحهم وأهدافهم حينما ينشأ تضارب بين أهداف ومصالح أصحاب السلطة ومصالح وأهداف الشعب ) .
السلطات العربية تفرض القوانين والقرارات التي لا تخدم الشعوب العربية في تحقيق مآربها الى جانب حريتها ، كما أنها ماسكاً بيد من حديد الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية ولا تسمح لأي صحفي أو اعلامي ممارسة حريته في التعبير والفكر إلا ما تمليه عليه من قبلها ، وتعاقب بحجة انتهاك التشريعات الأساسية داخل المجتمع العربي ، لذلك من الصعب ان يتمكن الصحفي أو الاعلامي من التعبير عن رأيه بحرية تامة بسبب ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية العربية ، تراجع حرية الصحافة في كثير من الدول العربية التي تعادي حرية التعبير وتصادر الرأي وتفرض عليه قيوداً غير مبررة لا يتناسب مع التطورات التاريخية التي يشهدها العالم في عصر عولمة وسائل الإعلام وفي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات .
وان من تلك الاسباب هوعدم تطورالمجتمع العربي عن بناء نفسه بناءاً مدنياً متحضراً ، بفضل تلك القوانين المجحفة التي تحارب حرية الفكر والرأي ، وعجز معظم الدول العربية عن مواكبة التكنولوجيا العصر الحديث ، والبقاء ضمن دائرة التخلف وعدم الإسهام الجدي والمبدع في الاستفادة من نعيم الحضارة الإنسانية المعاصرة ، فضلا عن معاناة الإنسان العربي من أثار ومظاهر التخلف وضغوط الأزمات المتعددة .
أن احتكار الدولة لأجهزة الإعلام والصحافة جعلها تفرض على الجمهور أخبار الحزب الحاكم ودعايته مع مصادرة حق أحزاب او اشخاص المعارضة في المساواة ، أنها تتحكم في إنتاج وتوزيع وعرض نوعية معينة من الثقافة والدراما وتهبط بأذواق المواطنين في التسلية والترفيه . وتمنع الصحافة والإعلام من تسليط الضوء على الأحداث والتشخيص الظواهر السلبية في المجتمع العربي وداخل مؤسسات الدولة ، وتستخدم سياسية الترهيب بحق الصحفيين والاعلامين وتكميم الأفواهم ومتابعة تحركاتهم ، وتحاول خلق أزمة ثقة بين المواطن ووسائل الإعلام ، بحجة الخوف من الغزو الثقافي الغربي أو خطر ذوبان الهوية الوطنية في ظل العولمة حجج واهية ، برغم أن عولمة الثقافة لا تلغي الهوية الوطنية لأن الهوية هي وعاء الثقافة وعلى طول التاريخ امتلأ الوعاء الثقافي بأفكار مستوردة ما لبثت أن أصبحت ضمن الثقافة الوطنية ، فالعولمة الثقافية ترتكز على أرض ثقافتنا الوطنية .
تتفق التشريعات الأنظمة العربية كافة فى القيود الشديدة التى تفرضها على إصدار الصحف وملكيتها من ناحية وتحكم قبضتها عليها بعد صدورها من ناحية ثانية . فهناك بعض الدول العربية لا تجيز إصدار الصحف إلا بناء على ترخيص أو تصريح مسبق ، وتشترط تشريعات بعضها تأمينا ماليا كبيرا كشرط لمنح الترخيص بإصدار الصحيفة ، بالإضافة إلى هذه الجوانب ، فهناك أشكال أخرى من التضييق على الحرية مثل احتكار الصحافة والإعلام من طرف مجموعات ( مالية وقوى اقتصادية ) لها ارتباطات بالسلطة السياسية .وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة غير خاضعة للتوجيهات المفروضة من طرف هده المجموعات الضاغطة ..
هذه الأوضاع أن تجعل الصحافي أو الإعلامي تحت رحمة مالك المؤسسة ، بسبب تتغول فيها عناصر السياسة وعناصر المال من أجل أن تحد من حرية الصحفي والإعلامي ، لذلك لا يمكنه ان يمارس مهنته بتحكيم ضميره ، طبقا للقواعد والمعايير التي تنص عليها مـواثيق التحرير وأخلاقيات المهنة . حيث يتحكم المدير أو رئيس التحرير أو مدير الأخبار في الخط التحريري وفي التوجيه اليومي ، بشكل غير ديمقراطي ، وتخضع هيأة التحرير لتوجهاته بدون أي منطق مهني أو تفسير معقول أو تشاور جماعي .
فوسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية على حد سواء ، تبقي مجرد وسيط يلعب دوراً مهماً بين المجتمع ومؤسساته ، ولكنها لا تستطيع أن تشارك بصورة مباشرة في عملية اتخاذ القرار السياسي في ظل غياب بديل عقلاني وسطي للنخب العربية الحاكمة في المرحلة الحالية ، على حد قول " البروفيسور كاي حافظ " ، المختص في دراسة وتحليل وسائل الإعلام في جامعة إيرفورت والمطلع على تطورات الصحافة والإعلام في العالم العربي .

قيود حرية الصحافة في الوطن العربي ( الجزء السادس )

وفي معظم البلدان العربية ، يقمعون او يمنعون حرية التعبير والآراء في داخل وسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الصحافة مع أستمرار المماراسات الغير الإنسانية وغير القانونية بحقهم ، واكثر الصحفيين والاعلاميين يواجهون موجات العنف والملاحقة المستمرة من قبل الأنظمة السلطوية الحاكمة أثناء تأديتهم لعملهم بصورة شفافة ومنعهم من تغطية الأحداث وتسليط الضوء عليها أو الحصول على المعلومة الخبرية من مصادرها وبشكل خاص في دوائر ومؤسسات الدولة ، ومنعهم أيضاً من تشخيص الظواهر السلبية في مجتمعاتهم ، كما وان قوانين سرية المعلومات والرقابة الشديدة عليهم تعمل على اغتيال حقهم في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها ..
وتمارِس هذه البلدان الاستبداد والطغيان ضد من يعارضهم وتستخدم سياسية الترهيب وتكميم أفواهم من خلال متابعة تحركات الصحفيين واالإعلاميين ، كما تتعرض الصحفيون والإعلاميون الى الاعتقال والتهديد والمضاياقات وحتى عمليات الخطف والتصفية الجسدية بحقهم . بسبب انعدام الحرية في البلدان العربية. وضعف بنى اجتماعية وسياسية وثقافية في الدولة ، وغياب الحوار الحر والديمقراطية ، يحظر توجيه النقد إلى الممسكين بمقاليد السلطة الحكومية . حيث تمارس هذه الأنظمة في ممارسة الضغط والكبت والقمع على الصحافة والاعلام ليمنع نشر الفكر حول حرية وديمقراطية البلاد والإرادة والتغيير وبأخص عدم نشر الموضوع حول التعددية الفكرية وديمقراطية الحكم ، لأنهم يشعرون بأن الحرية والديمقراطية والتعددية قد ينال من مصالحهم كما يتصورونها ، وإلى فقد لسلطتهم . ..
عندما تسمح بعض الأنظمة العربية حيزا معينا لممارسة حرية الإعراب عن الفكر لمصالحهم دون خوف من نتائج ذلك الإعراب . لان لديها ثمة مثقفون مأجورون ومفتقرون إلى قدر كبير من النزاهة والحياد والموضوعية ، لقد خضعوا أو أخضعوا فطوعوا أنفسهم وسخروا أقلامهم ومعرفتهم وفكرهم للارتزاق ولخدمة ذوي السلطة في نظام اقتصادي أو طبقي أو إقطاعي بدون مراعاة للمثل العليا وللمصالح العامة ، وهؤلاء يمارسون ممارسات سياسية معينة لا تتفق مع رؤى وتطلعات شعوبهم . ويحاولون أحتكار الصحافة والإعلام لأغراض مصالحهم ومصالح ذوي النفوس ، وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة خاضعة للتوجيهات من طرف هذه الأقلام المأجورة والنفوس الضعيفة التي تفتقر الى الحيادية والنزاهة ..
ومن نافلة القول إنه يوجد في البلدان العربية صحفيون واعلاميون يتوفر لديهم قدر أكبر من النزاهة والصراحة والجدية والصدق في التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم وتتسم بياناتهم بالشجاعة والإخلاص للشعب والوطن ، تسخير أقلامهم ونفوسهم خدمة لقضايا عادلة وعدم السكوت عن القمع والاضطهاد بمختلف تجلياتهما . لكن تصدر أوامر من قبل الانظمة الدكاتورية للمشرفين والمحررين والمخرجين والمقدمين في وسائل الإعلام من رجالهم بالتعتيم على هؤلاء الصحفيين او اعلامين وعلى كتاباتهم .
وقد تبذل متولون لسلطات حكومية محاولات لتصرف هؤلاء الصحفيين او الإعلامين عن تبليغ رسالتهم وعن إشاعة موقفهم ، وتحاول بقدر الإمكان لتحولهم صوتا في جوقتها التي تعزف على إيقاع أصحاب تلك السلطات ، ويقوم رئيس التحرير التابعة للنظام ومساعدوه بالرقابة على المثقفين الذين يدافعون عن الشعب والوطن بصورة صادقة ومخلصة ( للأسف نجد ان بعض رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف يخلطون بين العمل الكتابي وعمل الرقابة ) ، بالإضافة الى قيامهم بالرقابة على المحررين وبتوجيههم الوجهة التي ترضي أصحاب السلطة الحكومية يقومون بتقديم التقارير عن آرائهم ومواقفهم " الفكري والثقافي والسياسي " الى أجهزة الأمن .
وعلى هذا النحو تصبح تلك الصحف والمجلات خادمة للرؤى والمصالح والأغراض السياسية والإقتصادية ، وتكون أيضا منابر لخدمة وفرض موقف الحكومة التي لا يكون عملها بالضرورة بتوجيه ووحي المصالح الوطنية والمعيشية لشعوبها ( وتشير دراسات اجتماعية وسلوكية وسياسية وحقائق تاريخية ومعاصرة الى إيلاء كثير من أصحاب السلطات الحكومية لاهتمامهم الأول لمصالحهم وأهدافهم حينما ينشأ تضارب بين أهداف ومصالح أصحاب السلطة ومصالح وأهداف الشعب ) .
السلطات العربية تسيطر على القوانين والقرارات التي لا تخدم الشعوب العربية في تحقيق مآربها الى جانب حريتها ، كما أنها ماسكاً بيد من حديد الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية ولا تسمح لأي صحفي أو اعلامي ممارسة حريته في التعبير والفكر إلا ما تمليه عليه من قبلها ، وتعاقب بحجة انتهاك التشريعات الأساسية داخل المجتمع العربي ، لذلك من الصعب ان يتمكن الصحفي أو الاعلامي من التعبير عن رأيه بحرية تامة بسبب ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية العربية ، تراجع حرية الصحافة في كثير من الدول العربية التي تعادي حرية التعبير وتصادر الرأي وتفرض عليه قيوداً غير مبررة لا يتناسب مع التطورات التاريخية التي يشهدها العالم في عصر عولمة وسائل الإعلام وفي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات .
وان من تلك الاسباب هوعدم تطورالمجتمع العربي عن بناء نفسه بناءاً مدنياً متحضراً ، بفضل تلك القوانين المجحفة التي تحارب حرية الفكر والرأي ، وعجز معظم الدول العربية عن مواكبة التكنولوجيا العصر الحديث ، والبقاء ضمن دائرة التخلف وعدم الإسهام الجدي والمبدع في الاستفادة من نعيم الحضارة الإنسانية المعاصرة ، فضلا عن معاناة الإنسان العربي من أثار ومظاهر التخلف وضغوط الأزمات المتعددة .
أن احتكار الدولة لأجهزة الإعلام والصحافة جعلها تفرض على الجمهور أخبار الحزب الحاكم ودعايته مع مصادرة حق أحزاب او اشخاص المعارضة في المساواة ، أنها تتحكم في إنتاج وتوزيع وعرض نوعية معينة من الثقافة والدراما وتهبط بأذواق المواطنين في التسلية والترفيه . وتمنع الصحافة والإعلام من تسليط الضوء على الأحداث والتشخيص الظواهر السلبية في المجتمع العربي وداخل مؤسسات الدولة ، وتستخدم سياسية الترهيب بحق الصحفيين والاعلامين وتكميم الأفواهم ومتابعة تحركاتهم ، وتحاول خلق أزمة ثقة بين المواطن ووسائل الإعلام ، بحجة الخوف من الغزو الثقافي الغربي أو خطر ذوبان الهوية الوطنية في ظل العولمة حجج واهية ، برغم أن عولمة الثقافة لا تلغي الهوية الوطنية لأن الهوية هي وعاء الثقافة وعلى طول التاريخ امتلأ الوعاء الثقافي بأفكار مستوردة ما لبثت أن أصبحت ضمن الثقافة الوطنية ، فالعولمة الثقافية ترتكز على أرض ثقافتنا الوطنية .
تتفق التشريعات الأنظمة العربية كافة فى القيود الشديدة التى تفرضها على إصدار الصحف وملكيتها من ناحية وتحكم قبضتها عليها بعد صدورها من ناحية ثانية . فهناك بعض الدول العربية لا تجيز إصدار الصحف إلا بناء على ترخيص أو تصريح مسبق ، وتشترط تشريعات بعضها تأمينا ماليا كبيرا كشرط لمنح الترخيص بإصدار الصحيفة ، بالإضافة إلى هذه الجوانب ، فهناك أشكال أخرى من التضييق على الحرية مثل احتكار الصحافة والإعلام من طرف مجموعات ( مالية وقوى اقتصادية ) لها ارتباطات بالسلطة السياسية .وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة غير خاضعة للتوجيهات المفروضة من طرف هده المجموعات الضاغطة ..
هذه الأوضاع أن تجعل الصحافي أو الإعلامي تحت رحمة مالك المؤسسة ، بسبب تتغول فيها عناصر السياسة وعناصر المال من أجل أن تحد من حرية الصحفي والإعلامي ، لذلك لا يمكنه ان يمارس مهنته بتحكيم ضميره ، طبقا للقواعد والمعايير التي تنص عليها مـواثيق التحرير وأخلاقيات المهنة . حيث يتحكم المدير أو رئيس التحرير أو مدير الأخبار في الخط التحريري وفي التوجيه اليومي ، بشكل غير ديمقراطي ، وتخضع هيأة التحرير لتوجهاته بدون أي منطق مهني أو تفسير معقول أو تشاور جماعي .
فوسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية على حد سواء ، تبقي مجرد وسيط يلعب دوراً مهماً بين المجتمع ومؤسساته ، ولكنها لا تستطيع أن تشارك بصورة مباشرة في عملية اتخاذ القرار السياسي في ظل غياب بديل عقلاني وسطي للنخب العربية الحاكمة في المرحلة الحالية ، على حد قول " البروفيسور كاي حافظ " ، المختص في دراسة وتحليل وسائل الإعلام في جامعة إيرفورت والمطلع على تطورات الصحافة والإعلام في العالم العربي .
إن حرية الصحافة والإعلام تتيح الفرص للمبدعين للإبداع وتتيح للمفكرين التواصل مع المتلقين ، ولذلك نجد إقبالا متزايدا على القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث ، وتجتذب كوادر إعلامية ناجحة ، وتحقق نسبة مشاهدة عالية ، وكذلك الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ، ولها نسبة قراءة كثيرة ، وتجني أرباحا طائلة لهما .
أن حرية واستقلال الصحافة او الاعلام لايتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الانساني واجواء نظام ديمقراطي ملتزم . وهنا يجب التشديد على أهمية أن تكون الصحافة والإعلام حراً ، ومهنياً ، وتعددياً ، لأن تفعيلهم كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الفساد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة ، وبالاضافة الى ذلك تلعب الصحافة والإعلام دوراً حاسماً في العملية السياسية الديمقراطية كوسيط بين المجتمع ومؤسسات الدولة ، تقوم على دعم الديمقراطية كونها المنظومة الأفضل لإنعاش وتنمية المجتمعات العربية التي يُفتقد فيها غالبا احترام حقوق المواطنة الأساسية . والجدير بذكره في هذا السياق هو أنه تم تكريس احترام استقلال وسائل الإعلام المختلفة ، والاعتراف بالحق الأساسي في ممارسة حرية الصحافة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

الصحافة بين الحرية والمسؤولية الاخلاقية والاجتماعية (الجزء الاخير )

إذا كانت المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتكنولوجية قد غيرت وجه العالم من عدة أبواب فإن الإعلام قد ساهم وبشكل رئيسي في ذلك سواء عن طريق الإعلاميين المهتمين بالتغيرات المختلفة على مضامين الحياة في المجتمعات المحلية منها والعالمية أو عن طريق وسائل الإعلام ولا سيما الصحافة ( الورقية او الكترونية ) التي تزايد دورها في حياتنا المعاصرة . وتأثيرها على العالم بوجه عام . فإن الموضوع يجدر بنا الإشارة إلى حرية الإعلام بشجاعة واهتمام ، التي تمهد لنا الطريق لمعرفة مفاهيم هذه الحرية وممارستها ومضامينها ومسؤولياتها
إذا كان العالم قد مسه انبثاق المتغيرات المختلفة فإن الإعلام قد مسه إشعاع مختلف القوانين واللوائح التي تؤكد على حرية الإعلام وحرية الصحافة وتدعوا إلى إعطاء معنى أوسع لهذه الحرية في الحياة الإعلامية من جهة ومن جهة أخرى إعطاء نظرة إيجابية للالتزام بالمبادئ الأخلاقية لمهنة الصحافة . فحرية الصحافة والإعلام تمثل الواجهة من حيث توزيع المعلومات وتغطية الإحداث ومناقشة القضايا .
أيا كان النظام ، فلا بد أن ينظرللصحفي والإعلامي على أنه في الاصل صاحب رأي وضمير لأنه يعبر عن الأراء والأفكار الشعب بمختلف تيارته وطبقاته ، ومن واجبه الحصول على المعلومات والحقائق من جميع الجهات لتزويد كل قطاعات المجتمع ، أضافة الى مراقبة مؤسسات الدولة وهيأتها المختلفة ، ويحث الحكومة والمنظمات المدنية على تصحيح أساليب أدأتها وممارستها في أطار الحرية والالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية خدمة المجتمع ومصالحه العام .
تحتم على الصحفي والإعلامي بأسم شرف المهنة وبأسم الإنسانية ان يلعب الدور الإيجابي داخل الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية ، ويمارس الديمقراطية الحقيقية والحيادية الكاملة دون مجاملة لأحد أو يقبل ضغط من احد على حساب رفاهية وحرية شعبه التي وثقت فيه وأعتمدت عليه ، ويحب على الصحفي والاعلامي ان يتجاوز بعض الأفكار المألوفة أو رفضها أو الإتيان بغيرها . وميله أكبر إلى التعامل مع الاحداث بالحيادية وثم التحليل والنقد والتجريد بشكل منطقي ، بأن تغيير هذه الحالة يتطلب تغيير الأفكار السائدة التي تستمد الحالة القوة منها .
لا بد ان نظر بان معيار الثقافة والأخلاق عند الصحفي أو الاعلامي ، ليس عدد السنوات التي ينفقها الإنسان في مؤسسة دراسية معينة ، من قبيل الكلية أو الجامعة أو المدرسة الثانوية. وليس قدر المعلومات والمعارف التي يعرفها ، فحسب ، معيار الثقافة هو أيضا كيفية تناول المرء للقضايا وكيف يتعامل مع الأحداث ونقل المعلومات ، ولا شك في أنه توجد علاقة متبادلة بين طبيعة تلك الكيفية من ناحية ، وسنوات الدراسة وقدر المعارف من ناحية أخرى .
ففي الواقع تعتبر السياسة الاعلامية للشعوب جزءاً مهماً من السياسة العامة والواقع العصري وتفرض على السلطات السياسية أن تحقق العدالة الأجتماعية والحريات العامة وتؤكد على مصالح الجماعات والافراد . لذلك تتحمل الصحافة الحرة ماهية العمل الاجتماعي وتلعب الدور القيادي في اثارة الرأي العام داخل المجتمعات والشعوب المدنية المتحضرة ، إضافة الى واجبها في داخل بلدها أنها تبني جسورا للتفاهم لخلق مناخات إنسانية وفكرية بين الأمم والشعوب والثقافات والحضارات ، وليس أن تخلق خنادق ما بينهم . ومن هنا يجب على ضرورة حماية المهنة الاعلامية بغض النظر عن مكانها وموقعها .
ومن الطبيعي يختلف الصحفيون والاعلاميون بعضهم عن بعض فيما يتعلق بمدى تطور بعض الصفات فيهم ، مثل عمق فكرهم أو ضحالته ، وأصالته أو تقليده ومحاكاته ، وضيقه أو سعته ، والتزامهم أو تحللهم الخلقي والإنساني وسلوكهم حيال طبيعة نظام الحكم ، لايصال صوت الحق الى الجهات المؤثرة .. ولمدى توفر هذه الصفات فيهم أثر يالغ الأهمية في تحديد أخلاقتهم ومسؤولياتهم ( ويُعرّف الموقف بأنه تحديد المرء لحالة من الحالات ) .
ويغيب عن البعض أن الصحيفة الناجحة هى التى تحقق أعلى المعدلات من عمليتى جذب الإنتباه وإثارة اهتمام أكبر عدد ممكن من القراء ، لأكبر عدد ممكن من الموضوعات المنشورة على صفحات الصحيفة ، وبالطبع فإن عملية جذب الانتباه هى عملية بصرية ، يحققها الإخراج الجيد للصفحات ، الذى يرتكز فى الأساس على العناصر الجرافيكية المنشورة على الصفحة ، ويأتى على رأسها الصورة الفوتوغرافية ، أما عملية إثارة الاهتمام فهى عملية ذهنية ، يحققها المضمون والتحرير الجيد ، وهى تلي فى الحدوث عملية جذب الانتباه ، وإن لم يحدث جذب إنتباه القارئ للموضوع الصحفى أولا ، لن تحدث بالضرورة إثارة إهتمامه بالموضوع ، ومن ثم لن تُقرأ الحروف والكلمات تلك { المقدسة } التى خطها هؤلاء السادة المحررون من الغالبية العظمى من القراء الذين اشتروا الصحيفة بالفعل ، وكذلك الحال لدى جميع وسائل الاعلام على كيفية تجذب الانتباه من خلال اُثارة الموضوعات .
في كل الأحوال يجب أن تمارس الصحافة أو الإعلام أخلاقية مهنية في دولة وبالاخص الدولة تحترم فيها القوانين ، دولة منظمات المدنية والإنسانية ، من نافلة القول في دولة المؤسسات نستطيع أن نقيس الأخلاقية إلى مدى أخلاقية الدولة . إذا كانت الدولة تفتقر الى الأخلاقية في تصرفها مع شعبها وعدم احترامها لحقوق الإنسان من خلال احتقارها لمواطنيها ، أذن كيف يمكن تمارس الصحفي أو الإعلامي لأخلاقية مهنية في مهامه ؟ وعموماً فإن دور وسائل الإعلام فى الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحفاظ عليهم يتوقف على نوع النظام السياسى والاقتصادى الذى تعمل فيه وسائل الاتصال والحرية التى يتمتع بها نظام الاتصال بوسائله وأساليبه المختلفة داخل البناء الاجتماعى .
حريــة الصحافة في المجتمعات الغربية ..
كانت الصحافة ومع كافة وسائل الاعلام من أهم العوامل التي ساهمت في تقدم الحضارة الغربية حيث كانت من أهم وسائل المعرفة للحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الأجتماعي داخل المجتمع الاوربي . ولاشك بأن النظام الدستوري الذي يقوم على التعددية السياسية والحزبية ومبدأ تداول السلطة سلمياً هو الذي أهلها عن جدارة ومن حيث التزام المبدأ الديمقراطي واحترامه لحقوق الأنسان ونطبيق العدالة الاجتماعية وحرية الصحافة والاعلام ..
وبفضل الحرية الموجودة في الدول الغربية ودراستها أكاديمياً وإعلامياً ، حيث وجدت تلك التقدم والتأثير الاعلامي على تغيير الرأي العام العالمي لديهم ولكن ليست تلك الحرية مطلقة بلا ضوابط بل هناك رقابة ذاتية ، وضغوط حكومية في بعض الأحيان لمواضيع معينة ، ولكن الظاهرة العامة ، ان هامش حرية الصحافة والإعلام في الغرب اوسع ، ولا يصح ان يأتي أحدهم فيتحدث عن حرية مزيفة ، او قمع او تهديد أو ضغط أو ما أشبه .. لأن هناك ميزة خاصة للإعلام في الغرب ، ليس تناقض مع مصلحة الشعب والحكومة معاً . في الغالب هو ينتقدها بعنف في الشأن الداخلي ، اما في الشأن الخارجي فهو قريب منها ، يستمع اليها ، يقدم لها الرأي والمعلومة ، والحكومة نفسها تقدم لرجال الإعلام المعلومات وتسربها للصحافة . إذن هناك توافق من نوع ما بينهما . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق