بسم الله الرحمن الرحيم
سأقدم الان بحث عن الزواج المبكر واليكم التفاصيل
الزواج المبكر ظاهرة اجتماعية اقتصادية ثقافية نشأت منذ القدم حيث كان الأغريق والرومان يعتقدون بأن الزواج من صغار السن ينجب أطفالاً أقوياء جسدياً وسليمين ذهنياً وكانت إمارة أسبارطة تحض على الزواج المبكر وهناك ديانات عند بلاد الهنود يزوجون أبناءهم بعمر الست سنوات وتدل الكتابات والنقوش في معابد المصريين القدماء بأن
الفراعنة أوجدوا نوعاً من الطقوس الدينية أجازت زواج الجنسين عند سن مبكرة عند كافة الطبقات الملوك والعبيد فحسب معتقداتهم أن الملك في حال تزوج من الصغر يمكن الخلود في الحياة السعيدة أما عند العبيد فقد أباح الكهنة هذه الناحية لانجاب أكبر قدر من الأولاد .
كما أن البابليين في بلاد ما بين النهرين شجعوا على هذه الظاهرة فكان تشريع حمورابي يحض على الزيجات المبكرة من أجل انجاب الذرية العديدة لزيادة عدد الأفراد ودخولهم نطاق الخدمة الحربية في حال التعبئة القتالية والحروب ضد المماليك والدويلات آنذاك.
أما لدى مجتمعاتنا العربية فكان الزواج المبكر باعتباره يحمل ابعاداً اجتماعية وثقافية واقتصادية حيث أن طبيعة مجتمعاتنا العربية تحبذ انجاب الأطفال بكثرة حتى غدت جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الاجتماعية والعرفية المتأصلة لديهم لذلك يحاول الأب والأم تزويج أولادهم بسن مبكرة من أجل زيادة النسل ولها أيضاً بعداً ثقافياً لأنها مرتبطة بجملة من العادات والتقاليد التي تنظر إلى الشاب أو الفتاة المتقدمين بالسن على أنهم سلبيون ويعانون جملة من المشاكل والنزعات تجعلهم يتأخرون عن الزواج بالنسبة للشباب قد تكون مشاكل أخلاقية أو أزمات معنوية أو عقد نفسية أو علل جسدية أما بالنسبة للفتيات فعدم زواجهن بسن مبكرة يمكن أن يخف عدد المتقدمين اليهن في المستقبل وبالتالي يمكن أن لا تتزوجن مدى الحياة وبالتالي يدخلن في ظاهرة سلبية قد تتكون لديهن حالة مرضية بسبب العنوسة.
أيضاً مجتمعاتنا تلجأ إلى زواج أولادهم وبناتهم لسبب هام هو الجانب الاقتصادي فمجتمعاتنا لا تزال مجتمعات زراعية بدائية حيث تعتمد على زراعة الأرض وحرثها وجني ثمار محاصيلها وباعتبارها نامية فمقومات الزراعة الحديثة التي تعتمد على المكننة والآلات غير متوفرة بشكل جيد لذلك واجب على كل أسرة أن تفكر في زيادة أفرادها من أجل تأمين اليد العاملة التي تعمل في الأرض التي تشكل مصدر رزق ثابت ودخل دائم ولا يكون ذلك إلا بالتعجيل من زواج أبنائهم وبناتهم وهناك المجتمعات العشائرية والقبلية التي لا تزال فكرة الاكثار من الأولاد متأصلة في أذهانهم بغية تكوين أكبر عدد ممكن من الأفراد للدفاع عن كرامة العائلة وحرمتها في حال تعرضت إلى أي اعتداء من قبل جماعات أخرى.
وفي المجتمعات الحضرية أي لدى سكان المدن الكبرى تكون محدودة نسبياً نظراً لا رتفاع تكاليف المعيشة في المدن وعدم الحاجة إلى انجاب أفراد كثيرين لأن ذلك يتطلب دخلاً كبيراً خاصة أن كل المواد الغذائية تشترى وهذا ما يخلق أعباء إضافية كبيرة على العائلة التي تنجب أولاد كثيرين لذلك تحاول المجتمعات هنا التقليل من انجاب الأولاد والتفكير بناحية تحديد النسل وبالتالي منع الزواج المبكر.
أما من الناحية القانونية والشرعية فالقانون أجاز الزواج المبكر في سن مبكرة لدى الطرفين لكن في حال بلوغ سن الرشد وألا يكونا قاصرين كي يتحملا المسؤوليات الملقاة على عاتقهما في حال تم الزواج وقد حدد القانون أن يستكمل الجنسين الفتاة والشاب السن القانونية (18) عاما ويحق لهما أن يتقدما بالأوراق الثبوتية لاتمام القران.
ومن الناحية الشرعية الاسلامية اعتمدت على نصوص قرآنية لم تحدد السن وهناك أحاديث أيضاً تدل على ذلك لم تحدد السن أيضاً يقول الرسول الكريم محمد(ص) (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) أي من لديه القدرة على تحمل نفقات الزوجة التي سيتزوجها والقدرة على الانفاق على نفسه وقرينته في المأكل والملبس والمسكن يمكنه الزواج منها, كما أن الشرع الاسلامي لم يحدد سناً بل ربط هذا الأمر باستطاعة الشخص على تحمل المسؤوليات حيث أوكل الزواج من الناحية النوعية وليست الكمية أي بمعنى طلب من أهل الفتاة تزويج ابنتهم في حال كان المتقدم ذا أخلاق حميدة ولم يقيده بالناحية العمرية أي كان المتقدم فتاً في مقتبل العمر أو شاباً ناضجاً أو رجلاً أيضاً لم يقيده بمقدار ما عنده من مال أو ثروة انطلاقاً من مقولة النبي محمد(ص) ((إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)) وهي إشارة واضحة وجلية على تشجيع الشخص المتقدم على الاختيار المناسب ولو لم يكن لديه ثروة كبيرة وذلك اعتماداً على الحادثة التي جرت عند أحد الصحابة الذي شكى للرسول (محمد) (ص) من قلة ثروته ويريد التقدم لاحدى الفتيات وكان على درجة عالية من الأخلاق الحميدة حيث قال له الرسول محمد(ص) ((التمسْ ولو خاتما من حديد)).
ويمكن القول ان هذه الظاهرة موجودة كثيراً في مجتمعاتنا لأسباب عديدة قد تكون احدى الأسباب التي ذكرناها لكن يجب علينا أن نعي تماماً إذا كانت النية من الزواج المبكر لدى العديد من الأبناء هو كبح جماح طيش الفتى والتقليل من تهوره في الرذائل والانزلاق في الفواحش انطلاقاً من المثل الشعبي القائل ((الزواج نصف الدين)) ولكن في هذه الحالة يمكن لأهل الفتى أن يجتازوا هذه المشكلة ولكنهم قد يقعوا في مشاكل اجتماعية وعائلية عديدة لا تحمد عقباها منها عدم قدرة الفتى على تحمل مسؤولية زوجته والأعباء المترتبة عليها من الانفاق والرعاية الجيدة ناهيك عن المنعكسات السلبية المرضية الجسدية التي قد تصيبها نتيجة عدم قدرة جسدها على تحمل الحمل التي يمكن فيها أن تضع مولوداً يحمل تشوهات جنينية وخلقية كما أن الزوج يمكن أن يكون قاصر التفكير وتصرفاته تجاه زوجته تكون طائشة وعبثية يمكن أن تتولد مشاكل قد تصل إلى حد الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله وقد يزداد انحراف الفتى بعد الطلاق أكثر بكثير لو لم يتزوج.
لذلك يتوجب حل هذه المسألة عند الأهل بعدم الأقدام على تزويج فتاهم إلا في حال قد لمسوا لديه الوعي والشعور بالمسؤولية وبالتالي يمكن أن يراعوا مرحلة المراهقة التي يمر بها بأملاء أوقات الفراغ لديه بتصرفات ايجابية ونصحه باتباع عادات القراءة والمطالعة وممارسة الألعاب الرياضية المفيدة والذهاب إلى النوادي وغيرها أما بالنسبة للفتاة فالأمر هنا يتعلق بناحية الفتى باعتبار مجتمعنا لا يزال يميل إلى الذكورية أي أن تقرير مصير الزواج لدى الفتاة يتعلق بمدى المتقدمين للزواج منها.
ويمكن حل مشاكل الزواج المبكر والأسباب الاجتماعية والاقتصادية بالعديدمن الجوانب فعلى سبيل المثال يمكن من الناحية الاقتصادية بحاجة الأهل لأفراد يعملون في الحقل حلها بوجود الآلات الزراعية التي يمكن الاستعاضة عن عدد كبير منهم ومن الناحية الاجتماعية كالمجتمعات العشائرية يمكن أحلال دور الفرد المتعلم الذي يستلم المناصب القيادية بدل العديد من الأفراد وخاصة بعد إرساء دولة القانون التي يمكن للأفراد اللجوء إليه في حال تعرضهم لاعتداء من قبل جماعات أخرى حيث وجد القانون لفض النزاعات .
يمكن اعتبار ظاهرة الزواج المبكر في مجتمعاتنا لها نتائج ايجابية وسلبية في آن واحد حيث تكون نعمة علينا في حال تم تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها ويمكن أن تكون نقمة في حال كان المتزوجان غير قادران على تحملها وفي النهاية يمكن القول أن ظاهرة الزواج تبقى موجودة في شريعة الخالق عز وجل وبعرفنا الاجتماعي ولا نستطيع الاستغناء عنه لأنه يشكل أساساً متيناً لبناء الأسرة التي هي نواة أي مجتمع صحيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق