27‏/10‏/2018

بحث شامل ومميز عن بن بطوطه


بحث شامل ومميز عن بن بطوطه 

بسم الله الرحمن الرحيم
كطائر حر طليق جعل من العالم بيتا له قرابة ثمانية وعشرين سنة من الرحلات المتوالية ، فمن طنجة إلى مصر ، ومن الشام إلى مكة ، ومن فارس إلى شرق إفريقيا ، ثم الصين وأفغانستان والهند …إنه بلا شك سيد الرحلات بدون منازعالرحالة ابن بطوطة .
من هو ابن بطوطة ؟
 هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله الطنجي الملقب بشمس الدين ، والمشهور بابن بطوطة ، ولد بطنجة سنة 1304 ، في كنف عائلة اشتهرت بالعلم ، وبالرغم من أن ما وصلنا من معلومات عن هذه الشخصية الكبيرة قليل جدا ، إلا أننا نستنتج يقينا أنه كغيره من شباب ذلك الجيل نشأ في طلب العلم وحفظ القرآن ، وفي سنة 1325 قصد مكة للحج ، ومنها انطلقت رحلاته المشهورة .
 رحلات ابن بطوطة
120000 كيلومتر هي المسافة التقريبية التي قطعها ابن بطوطة في رحلاته المختلفة لما يناهز ثمانية وعشرين سنة ، وهو رقم قياسي باعتبار مشقة السفر وانعدام وسائل النقل السريعة آنذاك .
كان العرب رائدين في مجال العلوم والتجارة ، فكانوا يقطعون مشارق الأرض ومغاربها طلبا للعلم والتجارة ، إضافة إلى رحلات الحج الموسمية ، مما جعل من الرحلات طابعا مميزا ظل ساريا طوال العصور الذهبية الإسلامية ، لكن ابن بطوطة كان أكثرهم ولعا بالسفر والتجوال ، واستكشاف البلدان والأمصار ، والتعرف على عادات الشعوب وتقاليدها .
خرج ابن بطوطة للحج سنة 1325 ، مرافقا إحدى القوافل التجارية ، وقد عرفت هذه الرحلة تعرجات وتوقفات ، فكانت بدايته في مصر ثم القدس فالشام إلى أن وصل مكة فأتم حجه ، وبعدها توجه الطائر الرحالة إلى بلاد فارس ثم بلاد الروم ، ومنها إلى الأفغان والهند أين تولى وظيفة القضاء هنالك لمدة عامين ، وهذا يدل على غزارة علم وتدين هذا الرحالة الكبير .
بعدها توجه ابن بطوطة إلى بلاد الصين ، ثم عاد إلى مدينة فاس حيث استقر مدة قبل أن يقوم برحلة أخرى إلى إسبانيا والسودان .
 مؤلفات ابن بطوطة
  تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ‘ ، الكتاب الوحيد البارز الذي نقل عن ابن بطوطة ، إذ يعد موسوعة جغرافية اجتماعية روى فيها وأرّخ ما لاقاه في رحلاته من عجائب وغرائب . ويرى المحققون أن ابن بطوطة لم يكن أديبا أو مؤلفا ، لأن كتابه المشهور كان من تدوين كاتب أمير مراكش السلطان أبو عنان المريني ، والكاتب هو محمد بن جزي الكلبي .
 وكان ابن بطوطة يملي على الكاتب ويصف رحلاته ، وهنا يرى المحققون أن المنطق الأدبي يقوم على أن يكتب ابن بطوطة رحلاته بيده كما جرت عادة الأدباء ، ناهيك على أنهم لم يجدوا له أي مذكرات ، لكن البعض الآخر يرى أن ابن بطوطة قد كتب مذكراته حقا لكنها ضاعت أثناء رحلته ، وعلى كل حال فالفائدة العظمى من كل هذا هو وصول هذا الكتاب الثمين إلينا وإلا لم نكن نعرف شيئا عن هذا الرحالة الكبير وأخبار رحلاته .
وكانت لرحلات ابن بطوطة من الشهرة ما فاق الحدود ، حيث ترجمت إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية والتركية والهندية ، كما طبع كتابه طبعات متعددة في باريس ومصر .

رحلات ابن بطوطة بين الحقيقة والوهم !


مما لا شك فيه أن رحلات ابن بطوطة التي سجلها في كتابه تحفة النظار ، شكلت موسوعة جغرافية لما قدمته من معلومات غزيرة كشفت الضوء على عادات الشعوب وثقافاتها ، لكن يرى بعض الباحثين أن ابن بطوطة سقط كثيرا في المغالات في أقواله والإكثار من ذكر بعض القصص والغرائب التي لا تعدو أضاليل وأوهام ، بل يؤكد بعض النقاد أن ابن بطوطة لم يصل إلى الصين أصلا .
وبالنظر إلى طبيعة ابن بطوطة الطيبة البسيطة فإنه من الطبيعي أن نجد بعض المبالغات في رحلاته دون أن تنقصه من أهميتها شيئا ، وفي ذلك يقول الدكتور أحمد الشنواني : ‘ ولكن الرجل على فضله وعلمه ، يتميز بشيء غير قليل من البساطة ، وربما تصل إلى السذاجة في بعض الأحيان ، فهو يصدق الكثير من الأساطير التي لا يقبلها عقل ، ويعتقد في صحة كرامات الدراويش التي رويت له ، وربما كان مرد ذلك أن الرجل بحكم نشأته الدينية كان تقيا ورعا ، يعظم الأتقياء والصالحين ، ويزور قبورهم للتبرك بهم ‘ .
ويقول الأديب المؤرخ حنا الفاخوري : ‘ ومهما يكن من أمر فإن ابن بطوطة قد أضاع في رحلته الأولى ما دوّنه من معلومات فلا عجب إن قصّر في بعض التحقيقات والتحريات ، وهو يروي ما يروي في سذاجة وفكاهة ، وفي لغة سهلة تنحط أحيانا إلى الركاكة . وهو يعد من المصادر الهامة لعلم الجغرافية ، وله الفضل الأكبر على من كتب بعده في هذا الموضوع ‘ .

وفاة ابن بطوطة


استقر الرحالة الكبير أخير بفارس حيث لبى دعوة السلطان أبي عنان ، وقضى هناك ثلاثا وعشرين سنة ، لم يصلنا منها أي خبر سوى أنه كان محفوفا بعناية السلطان وكرمه ، وانتقل إلى جوار ربه سنة 1377 عن سن يناهز 74 سنة ، قضى أكثرها يجوب العالم ويكتشف خفاياه وأسراره ، فكان رحالة العصر بلا منازع .
مراجع ومصادر :
– تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) .
– موسوعة عباقرة الحضارة العلمية في الإسلام ( أحمد محمد الشنواني ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق