بسم الله الرحمن الرحيم
سأقدم الان بحث عن واجبنا عن التراث العلمى واليكم التفاصيل
من الأمور المؤسفة حقاً أن أغلب المتعلمين المسلمين لايعرفون شيئاً ذا بال عن التراث العلمي الإسلامي ... وذلك لأن التعليم فى مدارسنا لم يهتم بهذا الجانب الاهتمام الكافي . وقد يدرس التلميذ التراث الأدبي من شعر وأدب وحكمة وقد يدرس أخبار الشعراء والأدباءوالفلاسفة المسلمين .... أما العلوم التطبيقية وروادها فلايعلم عنهم شيئاً وبذلك يتصور أن العرب والمسلمين كانوا أمة خطابة وشعر ولم يكونوا أهل علم وعمل . وقد يقول قائل إن أغلب هذه العلوم القديمة قد عفا عليه الزمن ... وحلت مكانه علوم حديثة متطورة وليس من المعقول أن يدرس أولادنا علوم القرن العاشر الميلادي ويتركوا علوم وتكنولوجيا القرن العشرين . وطبعاً نحن لانطلب ذلك ... ولكننا نقول أن دراسة التراث العلمي الإسلامي تهدف الى تحقيق الأهداف التالية :
أولا العزة القومية : ـ
وهو أمر لايمكن إغفاله أو الاستهانة به …فكل الشعوب الناهضة تعتز بماضيها وتراثها وتحاول أن تثبت أنها لم تكن نكرة فى التاريخ بل لها فضل على الإنسانية بما قدمته من حضارة وتطور ....
ثانيا : أن تكون أمجاد الماضي حافزاً على النهضة فى المستقبل وأن تكون سيرة الأجداد وانجازاتهم العلمية حافزاً للأحفاد على الاقتداء بهم ... وعلي حب العلم .
ثالثا: الاستفادة من تجارب السابقين فى العلم الحديث :
مثال ذلك ما فعلته الصين بعد تدارس نظام الوخز بالإبر فى ضوء التكنولوجيا العصرية وقدمته إلى العالم كعلم جديد نافع اهتزت له الاوساط العلمية فى أوربا . ونحن لدينا الكثير من العلوم الاسلامية مثل طب الأعشاب ـ علم جبر العظام ـ علم الكي ويمكن بعد إعادة دراسة هذه العلوم أن نجد فيها الكثير مما تقدمه إلى الإنسانية فى قالب عصري جديد .
واجب علمائنا المعاصرين نحو أجدادهم : ـ
من المعروف أن أي كتاب أوربي يصدر فى عصرنا الحالي ويتناول أي علم من العلوم أو فروع دقيق من فروع هذا العلم …. فإنه يبدأ بلمحه من التاريخ …تتناول تطور هذا العلم وإنجازات السابقين فيه . ولكنهم غالباً ما يبدأون هذا الجانب التاريخي من عصر النهضة فى أوربا ويغفلون بذلك فترة الحضارة الإسلامية وانجازاتها … بل أن منهم من يبدأ بدور الفراعنة والإغريق ثم ينتقلون مباشرة إلى أوروبا … والواقع أننا لانستطيع أن نتهمهم بالتعمد أو التحيز لأن أغلب كتبنا التى يؤلفها علماؤنا العرب والمسلمون والتى تدرس فى جامعاتنا اليوم تسير على هذا المنوال من تجاهل دور العلماء المسلمين الأولين .
و السبب في ذلك واضح وجلي.. وهو أن تاريخ العلوم الإسلامية لم يخدم حتى اليوم خدمة جيدة ولم يبرز إلي حيز الوجود في قالب علمي مقنع يمكن أن يرجع إليه كل عالم متخصص.. لكي يستقي منه ويعتمد عليه.. ومعظم الدراسات التي قدمت في هذا الميدان قامت على أكتاف اللغويين والمؤرخين والمتخصصين في كتب التراث.. ولا شك أن لهؤلاء فضلاً" عظيماً لا ينكر في التوعية بتراثنا العلمي.. ولكن المطلوب اليوم أن يتقدم العلماء المتخصصون لدراسة هذه المخطوطات القديمة كل في فرع تخصصه.. وأن يستخرجوا منها ما أنجزه أجدادهم من اختراعات واكتشافات علمية سبقوا بها العالم.. فكلمة واحدة أو إشارة علمية من عالم متخصص مؤيده بالوثائق العلمية سوف يكون لها من التأثير العالمي أضعاف ما للعالم اللغوي. وأبسط مثل على ذلك ما حدث مع أربعة من العلماء المسلمين المعاصرين:
1- الدكتور محي الدين التطاوي: المتوفي سنة 1945 وكان أخصائياً في أمراض القلب اكتشف أن ابن النفيس هو المكتشف الحقيقي للدورة الدموية.. وقدم رسالة دكتوراه في ذلك إلي جامعة برلين كان لها دوي كبير في الأوساط العلمية العالمية عندما تأكدوا من الحقيقة.. وكانت نتيجتها أن أصبحت جميع الكتب العلمية التي تصدر في أوربا بعد هذا التاريخ تعترف بفضل ابن النفيس وسبقه على أوروبا .
2- الدكتور محمد خليل عبد الخالق. أستاذ علم الطفيليات في جامعة القاهرة قام بدراسة ما جاء في كتاب القانون لابن سينا عن الديدان المعوية وتبين له أن الدودة المستديرة التي وصفها ابن سينا هي ما نسميه الآن (الانكلستوما) وقدم بحثاً بذلك إلى قسم الطفيليات في مؤسسة روكفلر بمناسبة العيد الألفي لابن سينا كان من نتيجته اعترافها بأن ابن سينا هو المكتشف الحقيقي للإنكلسنوما قبل العالم الإيطالي دويبني بثمانية قرون وقد عممت هذه الحقيقة على جميع الهيئات العلمية وسجلت في الطبعات الجديدة من المراجع والموسوعات العلمية.
3- عالم الفضاء الدكتور فاروق الباز: قدم إلي هيئة أبحاث الفضاء في أمريكا بحثاً عن فضل وإنجازات ثمانية عشرمن علماء المسلمين في الفلك كان من نتيجته أن قررت تلك الهيئة اطلاق اسم كل واحد منهم علي واحد من تضاريس القمر ومراكز الهبوط عليه.
4- الأستاذ الدكتور جلال شوقي: أستاذ علم الميكانيكا في جامعة القاهرة توفر علي دراسة ماكتبة علماء الفيزياء المسلمون عن الميكانيكا. فاكتشف أن المسلمين قد وصلوا الى معرفة قوانين الحركة وذكر وها بنصها قبل نيوتن بعدة قرون (وسوف نأتي إلى تفصيل أكثر في الأبواب القادمة لهذه الإنجازات).
ومما لا شك فيه أن هناك الكثير الكثير مما يمكن أن نكتشفه في ثنايا المخطوطات الإسلامية العلمية.. فهناك آلاف من الكتب في متاحف أوروبا والعالم الإسلامي والعربي لم يتم تحقيقها. وبعضها قابع منذ قرون في المخازن لا يعرف شيء عما حواه من أسرار.
وفي ذلك يقول البروفسور نيدهام في موسوعة (العلم والحضارة في الصين إذا كانت هذه الاكتشافات في العلوم الاسلامية قد ظهرت بالصدفة وبجهود فردية.. فماذا ينتظر العالم من مفاجآت لو توفر على دراسة هذا القدر الهائل من المخطوطات الذي لم يقرأ بعد؟، نقول تعقيباً على ذلك: كيف يكون الحال لو قامت الكليات العلمية في العالم العربي والإسلامي والمؤسسات العلمية العربية بعمل منظم في هذا الميدان ؟
واجب الجامعات في العالم الإسلامي نحو علوم التراث:
من الملاحظ أن جميع هذه الدراسات الإسلامية قد قدمت، إلى جامعات أو هيئات أوروبية ولاقت منهم استجابة وتفهماً وتشجيعاً. وعلي سبيل المثال فإن الدكتور التطاوي عندما عرض على أساتذته في جامعة برلين ما اكتشفه بالصدفة حول ابن النفيسن.. نصحوه في الحال أن يجعل رسالة الدكتوراة في ابن النفيس ووضعوا المراجع كلها تحت أمره وأعطوه منحة مالية. ثم منحوه عن بحثه هذا الدكتوراة مع مرتبة الشرف. فلنقارن هذا بما يحدث حتى اليوم في الكليات العلمية في عالمنا العربي.. فجميع هذه الكليات لا تقبل منح الدكتوراة عن البحث العلمي في التراث لأنها لا تعتبر هذا النوع من الأبحاث نافعاً لها: وهذا أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين من الباحثين العرب يحجمون عن إضاعة عمرهم ووقتهم في هذا الميدان لذلك يجب أن ننشىء في كل كلية علمية في العالم الإسلامي مادة جديدة باسم (تاريخ العلم) بحيث تدرس كل كلية ما يخصها من فروع العلم مع التركيز طبعاً على دور الحضارة الإسلامية.
وقد ارتفعت عدة نداءات في الآونة الأخيرة في أنحاء العالم الإسلامي تطالب بتدريس تاريخ العلوم الإسلامية. من ذلك قرارات صدرت بمناسبة احتفال العالم الإسلامي بإطلالة القرن الخامس عشر الهجري .
كل هذه الجهود لا بد أن تؤتي ثمارها ولكنها تحتاج إلى قرار جماعي سياسي على مستوى الوزراء المختصين إلى جانب القرار العلمي حتى تخرج إلى حيز التنفيذ.
الواجب الثاني الذي يجب أن تقوم به المؤسسات العلمية في العالم العربي والإسلامي هو إيجاد قنوات الاتصال بالجامعات وأصحاب الموسوعات العلمية في الغرب. وإمدادهم بالمعلومات الموثقة عن الحضارة الإسلامية في كل فرع من فروع العلم. وإصلاح الأخطاء والتجاهل أو الجهل.
ولسنا نقول إن الجميع سوف يستجيبون في الحال. ولكن استجابة البعض سوف يكسر الحلقة ويفتح الأبواب لظهور الحقيقة أمام أعينهم.
ولا ننسى أن هذه الموسوعات العلمية هي الأسس والمصدر الرئيسي الذي يستقى منه جميع الكتاب والعلماء والباحثين معلوماتهم. وإذا ما وصلنا الى بعضها.. فقد نجحنا بإذن الله في خدمة تراثنا وحضارتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق