اخر الأخبار

11‏/2‏/2012

بحث عن الحياة الاقتصادية في مصر الفرعونية

بسم الله الرحمن الرحيم
سأقدم الان بحث عن الحياة الاقتصادية في مصر الفرعونية واليكم التفاصيل

رغم أن الظروف الجغرافية للأقتصاد الفرعوني معروفة تماماً ، فإن أساسه ليس معروفاً بصفة قاطعة ، وكلما حاول المؤرخون تعريف الاقتصاد نفسه وتحليل طرقه وفهم وجوهه القانونية وتتبع تغيرات الثروة ، أضطروا إلى الأعتماد على دفاتر الحسابات وعلى قليل من الإجراءات القانونية والرجوع إلى بعض المراجع من مختلف الأماكن والعصور .
وأمكنهم بواسطة مخطوطات أوراق البردي و الأوستركا ، التي وُجدت في دير المدينة ، دراسة الأجور التي دُفعت لعمال الجبانة ، ومعرفة التغيرات التي طرأت على أسعار المعادن والحبوب في طيبة إبان عصر الرعامسة .
ولسوء الحظ كانت هذه المعلومات أستثنائية مثل محاولة تفسير أعظم العصور رخاءً بسيادة طبقة غنية من التجار والبحارة في الدلتا ، وتفسير العصور المتوسطة بالفقيرة بضغط النظام الأقطاعي من الجنوب ، وكان يتألف من أصحاب الأراضي المستبدين ، وهذه المحاولة وليدة بعض الأراء المتفق عليها من تاريخ العصور الوسطى المسيحية .
أستخدمت مصر القديمة نظام السخرة في فلاحة الأرض وصناعة اللبن (الطوب غير المحروق) وقطع الأحجار ، إذ لم يكن لديها نظام أفضل من هذا النظام كمصدر للقوى العاملة ، ولذا أستخدمته بطريقة معقوله كما أساءت أستخدامه ، فكان مركز صغار العمال أشبة ما يكون بمركز العبيد .
ورغم هذا فأن صفة العبودية ليست صحيحة هنا من الناحية القانونية ، وأنما تصف فقط نظام الفراعنة في الأنتاج دون أي أعتبار لتكوين ذلك النظام أو لطريقة أستخدامه .
وفي الأحوال العادية كانت التجارة الدولية ومخازن الحبوب والبضائع ومصائد الأسماك ، والأسطول بنجاريه وبحارته و الأشغال العامة ، من أختصاص موظفين يشرفون عليها وينظمونها ، وكانوا مسئولين أمام الملك وحده ، إما أمام "بيت الملك" مباشرة ، وإما بطريق غير مباشر أمام البيوت الأخرى الخاصة بالألهة أو بالحريم أو بغير ذلك .
والمبدأ الأساسي هو أن الأرض التي يملكها الأله والفرعون يشرف عليها مباشرة موظفون ملكيون ، أو تُعطى للمعابد بصفة دائمة ، وأحياناً كانت تُمنح لبعض الموظفين لمدى الحياة ، يتعهدون بإدارتها ويتسلمون خراجها مكافأة لهم على خدماتهم .
أعتمدت الشئون الزراعية والأرض والمباني والأدوات والناس والحيوانات على الملك أو على موظف ملكي سام ، مثل مديري المعابد وأصحاب المناصب المدنية ، وعلى أساس هذه الحقائق ، حاول بعض الناس تعريف الأقتصاد الفرعوني بأنه "أشتراكية حكومية" ، إذ يبدو حقيقة ، أنه بخلاف ممتلكات الملك ، الذي كان هو نفسه يمثل الهيئة السياسية ، لم يكن أي شئ مقدساً ولا دائم الملكية .
وحتى أذا مُنح مستأجرو الأراضي العدالة الأجتماعية التي تنادي بها الحكومة الإلهية التي يديرها الكهنة ، فإن كلمة "أشتراكية" واضحة الخطأ ، إذ كان بمصر نظام المِلكية الخاصة الذي قدسته التقاليد .
وفضلا عن منح النبلاء مساحات من الأراضي ودفع المكافأت نوعاً بحسب مراكزهم فإنهم منذ اقدم العصور كانوا يمتلكون مساحات واسعة كممتلكات خاصة ، وتشمل هذه الممتلكات الأراضي البور التي أستصلحوها لأنفسهم وأطلقوا عليها أسماءهم ، والهدايا المنقولة وغير المنقولة من الملك ، وقطعان الأغنام التي كانوا يربونها ويزيدون في أعدادها ، وكذلك هدايا من "بيت الأب" ، أي كل شئ كان يمكنهم تحويله إلى أولادهم .
وكذلك كان الفرعون نفسه يساعد على خلق "طبقة تمتلك الأراضي" بمنحة النبلاء مناصب وراثية وفوائد أخرى ، ونال الكهنة وكبار الموظفين عددأ من المميزات الملكية ، في بعض عصور الضعف ، والحقيقة أنه يمكن وصف الأقتصاد الفرعوني على أنه "حكومي" ويميل إلى الشمولية .
أما الملكية الخاصة والمشروعات الفردية التي كانت لها أهميه في النطاق المحلي فكانت قليلة الأهمية بالنسبة إلى ملكية الأراضي المملوكة للحكومة مباشرة (المَلَكية) أو غير مباشرة (المعابد) ، وإلى الخدمات المَلكية ، وإلى العمل المهني والمحدد بأجور ، وإلى توزيع وسائل الإنتاج ، والطعام بواسطة الهيئات الأدارية .
لم ينقص مصر سوى الأخشاب للبناء ، والنحاس ، والفضة ، والبهارات ، وكانت الحكومة تحصل على هذه المنتجات من جيرانها ، دون مشقة بالتجارة وبالدبلوماسية وبالغارات وبالغذو ، وكان وادي النيل يُصدر الورق (أوراق البردي) ، والسمك المجفف والمنسوجات والحبوب .
كانت عصور الفراعنة غنية بالمواد الأساسية، فسواء أكانت السنة وفيرة الغلة أو قليلتها فإن محصول الأرض كان يكفي مطالب الطعام والكساء ، وفي بعض الأحيان كان يزيد على الحاجة .
رغم سمو المستوى الفني لمهارة قدماء المصريين في الصناعة ورغم إلمامهم التام بالأدارة ، فإنهم حافظوا على نظام أقتصادي قديم نوعاً ما ، فهو مبني على أساس أستهلاك المواد الغذائية بحسب المحصول السنوي ، كان النبيل العظيم يخزن الملابس والمجوهرات والأواني لاستعماله في الحياة الدنيا وفي الأخرة ولأستعمال أسرته ، بيد أن الجزء الأكبر من ممتلكاته وهو على قيد الحياة كان يأتي من إيجار الأراضي ومن حق الأنتفاع بالريع ، ومن ممتلكاته الشخصية ، ومن الضرائب التي تدفع له نوعاً من المعابد التي كان هو كاهنها الأسمي ، فكان يستعمل هذه المحصولات النوعية في تغذية أتباعه الذين كان يتمتع بواسطتهم بسطوته السياسية ، بيد أن ثروته لم تكن "رأسمالا فعالا" ، وعلى الرغم من أن التاجر البسيط ومُقرِض الأموال كانا بالغي الأهمية في منطقتهما فلم تتكون منهما طبقة تجارية تبني نفوذها على الربح التجاري .
ولم تساعد طريقة المقايضة على تكوين طبقة تجارية ، ولا شك في أنه منذ عهد أحمس حُددت قيم للسلع بالذهب أو الفضة أو بالنحاس ، وذلك لتسهيل نظام المقايضة ، مع تحديد أوزان ثابتة ، ومنذ القرن الثامن قبل الميلاد - إن لم يكن قبله - سكت خزانة المعبد العظيم قضباناً من الفضة ، غير أن أستعمال القيم المعدنية الذي ربما أًخذ عن أسيا ، لم يؤد إلى أقتصاد نقدي جدير بهذا الأسم ، ربما حُددت قيم الأشياء في عهد الرعامسة بزكائب من الشعير .
لم تكن الصورة الحرفية للثروة في صورة أموالاً مختزنة ، بل كانت دائماً قطعاناً من الماشية الجميلة ومخازن كاملة من الحبوب ، ومستنقعات غنية بالطيور ، كما قيست الحياة الأقتصادية للدولة بعدد السفن التابعة لخزانة الدولة ، التي كانت تنقل الحبوب الملكية ، أو بأسطول تحت إمرة موظف حكومي ، ينقل الحبوب من منطقة إلى منطقة أخرى تشكو المجاعة .
كان الكهنة والكتبة والصناع والعمال يتسلمون أجوراً نوعية ، من القمح أو الشعير أو ما إلى ذلك تبعاً لدرجاتهم ، وأعبائهم العائلية ، ولما كانت مصر تعتمد على خصوبة النيل ، فإنها كانت دائمة الرخاء وذات أقتصاد ثابت عندما تكون الدولة قوية .
كانت عصور الدول القديمة والوسطى والحديثة القوية والمتحدة التي أدارتها هيئة إدارية مُدربة ، أكثر نجاحاً من الدول الأوربية المحاربة في العصور الوسطى ، في تنظيم أستغلال الأرض بتوزيع الأيادي العاملة ، وفي الري وفي أستيراد السلع الأجنبية من الصحراء ومن الخارج وتوزيعها ، وفي تخزين المواد الغذائية - قدر الأمكان - لمواجهة نتائج قلة الماء في الفيضانات الضعيفة ، وفي تزويد الألهة بما يناسبهم كي يحفظوا الدولة في خير ورخاء .
لما كانت ديانة قدماء المصريين أو بمعنى أصح النظرية الحيوية التي تنطوي عليها ديانتهم وثيقة الأرتباط بالأقتصاد ، كانت تؤثر فيه بطريقة ثابتة ، أكثر مما كانت في أي مجتمع قديم أخر ، فكانت هناك شركة بين البشر والألهة مبنية على أساس "الطعام" ، وكان على الفرعون أن يشيد المعابد ، ويجددها ويقدم القرابين لكي تحفظ الألهة ، التي تعطي الحياة لجميع صور الأنتاج ، النشاط الذي كان ضرورياً لضمان رخاء الدولة ، ومن ناحية أخرى كان ضمان رفاهية الشخص بعد موته متوقفاً على غنى قبره .
ونتيجة للنظام الأقتصادي "المعيشي" كان هناك نظام خاص "للحياة الجماعية" ، ونظام "للحياة الثانية الفردية" ، وأستلزم هذان النظامان قدراً عظيماً من العمل و المحاصيل ، فكان أستغلال المحاجر وتشييد المقابر ونقل الأحجار وإقامة التماثيل الضخمة والأعمدة ، وغير ذلك من الصناعات التي لا غنى عنها لمصر القديمة .
وقد سافرت بعثات تجارية حتى بلاد بونت وكان غرضها الوحيد جلب البخور ليحرق أمام تماثيل الألهة ، وأبتلعت القبور ألوفا من الأدوات المصنوعة ، وكاد الكهنة والصناع والمحنطون يقدمون خدماتهم نظير أجور ، ولم تكن الهبات الملكية للمعابد مجرد أحتفال ديني ، بل كانت تتكون من هدايا من محصول الزراعة تقدم للإله ، ومن الحيوانات والمناجم والكنوز والأسرى البرابرة ، وكان من النادر تقديم قرابين محروقة ، وكان الإله يستهلك هدايا الأطعمة بطريقة سحرية ، ثم تصير هذه الأطعمة ملكاً للكهنة ، وهكذا صار بيت الألهة العظام أحتكاراً زراعياً وصناعياً ، وكان ذلك البيت منظمة مستقلة بالحكم عندما كان الملك قوياً ، وصار "شركة محدودة" قوية عندما كان الملك ضعيف يسيطر عليه الكهنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق