الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين وبعد :-
فإنه لما كثر في زماننا القيل والقال والتحدث بما كان أو لم يكن بلا تثًبت ولا بينًة أحببت ذكر هذه الرسالة المختصرة والمشتملة علىبيان خطورة الشائعات وموقف المسلم منها : ـ
أولا : تعريف الشائعات :وهي جمع شائعة وهي الخبر المشاع والمذاع على الملأ وهي في الأصل تشمل الخبر الصادقوالكاذب , لكنها في عرفنا غلبت على الخبر الكاذب الذي يقصد من ورائه تحقيقأغراض معينة .
ثانيا : خطورتها: لقد تهاون كثيرمن الناس في أمر هذه الشائعات فنجد أن بعضهم ينقل كل ما يسمع من كلام بلويتفكّه ويتلذذ بذلك دون أن يتنبّه في عاقبة ما يقول وفي الأثر الكبير الذيقد يحدثه نقل مثل هذه الأمور ولاسيما في ظروف المحن والأزمات .
ثالثا : موقف المسلم منها :
إنً الموقف الصحيح للمسلم تجاه هذه الشائعات يتلخص في عدةأمور :
الأول : التثًبت: فلا يصًدقكل ما يقال , كما أنه لا يكًذبه , وإنما يتثبت فيما يسمع أو ينقل إليه , قال ربنا جل وعلا : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبًينوا أنتصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) الحجرات 6
قال الشيخ الفوزان حفظه الله في محاضرة له بعنوان (وجوب التثبت من الأخبار واحترام العلماء) : ولهذا كان علماء المسلمين وعلماءالرواية لا يقبلون الرواية إلا ممن توفرت فيه شروط العدالة والضبطوالإتقان، فهم لا يقبلون الرواية من المجروح أو المجهول الحال , هذا من بابالتثًبت في أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم .
هذا شأن هذه الأمة , التثبًت في الرواة التثًبت في المخبرينفإن المخبر قد يكون فاسقا لا يهمه الصدق , أوقد يكون كافرا يريد الإيقاعبين المسلمين أو منافقا , أو يكونرجلا صالحا ولكن فيه نزعة التسرع وشدة الغيرة فيبادر بالأخبار قبل أن يتثبت , فالواجب أن نتثبت من الخبر حتى ولو كان الذي جاء به من الصالحين. أ هـ حفظه الله
الثاني : أن لا ينقل الإنسان كل كلاميسمعه, فإن من صنع ذلك وقع في الخطأ والزلل لا محالة , لأن الأخبارلا تخلو من كذب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء كذبا أنيحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم عن أي هريرة رصي لله عنه .
فما لا علم للإنسان بصحته لا يتحدث عنه إذ هو مسئول عنه , قال الله عز وجل ( ولا تقف ما ليس لك به علم إنً السمع والبصر والفؤاد كلأولئك كان عنه مسئولا ) الإسراء 36 ,معنى ( لا تقف ) أي لا تتكلم إلا بماتعلم , بل لو علم صحته فلا ينبغي له أن يتحدث إلا بما تظهر مصلحته فكيف إذاكان فيه مضرة ؟ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال " من كان يؤمنبالله واليوم والآخر فليقل خيرا أو ليصمت " متفق عليه .
قال الإمام النووي في رياض الصالحين بعد ذكره للحديثالمتقدم : " وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إًلا إذا كانالكلام خيرا وهو الذي ظهرت مصلحته , ومتى شكً في ظهور المصلحة فلا يتكلم " أ.هـ رحمه الله
الثالث : إحسان الظًن :فإنالواجب على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين ،وهذا الواجب قد ذكرهربنا جلً وعلا في كتابه الكريم , قال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبواكثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) الحجرات 12 وقال صلى الله عليه وسلم ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) متفق عليه من حديث أبي هريرة وجاء عنعمر أنه قال ( ولا تظنًن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا وأن تجد لهافي الخير محملا )
الرابع : القيام بالعمل النافع المفيد :فالمسلم يعرض عن الشائعات التي ليس من شأنها إلا التثبيطوالتخذيل , وإذاعة الخوف والهلع بين الناس , فيترك المسلم ذلك إلا أن يرًدعليها ويبين خطأها , ثم يقوم بالأعمال الصالحة التي تنفع إخوانه المسلمينمن إحضار ما يحتاجون إليه , والسعي في مصالحهم .
وأخيرا : علينا أن نعلم أن الشائعات آفة خطيرة مصدرهااللسان , فعلى المسلم أن يحفظ لسانه عما لا يعنيه وعما لا يجوز . قال ربناجلا وعلا ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ق 18 وليتذكر قول النبيصلى الله عليه وسلم ( من يضمن لي ما بين لحييه ( وهو اللسان ) وما بين رجليه ( وهو الفرج ) أضمن له الجنة ) رواه البخاري عن سهل بن سعد رضي اللهعنه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق